في دولة “الفقاعة”.. نتنياهو يرد على اتهامات غالانت: “أيها الخائن
في لعبة التخمين التي تصيب الدولة بالهستيريا، من الذي سيهاجم أولاً إيران أم حزب الله؟ تأتي الإجابة من وزارة الدفاع، أي من غالنت ونتنياهو. ليس مباشرة، لكن من خلال تلميحات لاذعة وثقيلة التي وجهت لرئيس الحكومة على طول القطاع: تسريبات سياسية، اقتراح الهجوم الذي تم إحباطه في 11 تشرين الأول الماضي، صفقة التبادل، وأخيراً مسألة “النصر المطلق” التي تنطوي على الواقع البيبي: أقوال الهراء.
اللدغة المسمومة التي وجهها وزير الدفاع لرئيس الحكومة جعلت أعضاء لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست يتساءلون عمن يريد أن يقصفه في البداية: الأعداء أم الشخص الذي يكرهه في المبنى المجاور؟ لم يحاول غالنت إخفاء الإهانة المطلقة لنتنياهو، رغم وجود من لاحظ علامة هدنة بينهما في بداية الأسبوع. فقد أعلن مكتب رئيس الحكومة بأن رئيس الحكومة لا ينشغل بإقالة وزير الدفاع. وأعلن الوزير عن تأييده مبادرة رئيس الحكومة إلى أن يعين بنفسه مأمور الخدمة المدنية. يبدو أن فصلاً جديداً فتح، والآن يتضح أنه لا شيء حقيقياً في الشائعة.
تصريحات غالانت في منتدى علني مثل لجنة الخارجية والأمن، كانت شديدة، ولكنها رمزية. تصريحات وزير الدفاع لم تستدع رداً. إضافة إلى ذلك، الرد غير المتناسب يثير الهستيريا. فمكتب رئيس الحكومة اتهم غالنت بتبنيه خطاً “مناوئاً لإسرائيل”، وبالتسامح والتذلل للسنوار، والتنازل عن هزيمة حماس، أي الخيانة.
يدور الحديث عن صفة من صفات الدكتاتور. كل من لا يتساوق مع شعاراته فهو متآمر، يكره الدولة، وهدف للتشهير والتحريض (في بيبيستان) والاغتيال (في روسيا مثلاً). كان يتوقع من نتنياهو ضبط النفس والتجاهل أو إصدار بيان أكثر عقلانية. في نهاية المطاف، هو رئيس الحكومة، لكنه لا يستطيع ضبط النفس.
غالانت تحدى نتنياهو علناً. قال له “هيا أقلنا”. نتنياهو لن يفعل في الوقت الحالي، فهو يخشى غضب الشارع ورد الأمريكيين الذين يعتبرون غالنت شريكهم الوحيد في إسرائيل. يحاول نتنياهو دفعه إلى الاستقالة بألف وسيلة، لكن بدون نجاح. غالنت يتمسك بالمكتب في الطابق الـ 14، وقد اعتاد على أن يقول لمقربيه “لن أفعل شيئاً آخر أهم في حياتي” (أي أن يكون وزير دفاع في فترة حرب). بالنسبة لبيبي ولمستشاريه ووزراء وأعضاء كنيست فإنهم بصعوبة يشكلون ضجة في الخلفية. هو يحتقرهم. وفي تصريحه أمام أعضاء اللجنة، أسمع غالنت تصريحاً آخر مهماً، وهو أن “الصفقة (إنقاذ المخطوفين) ستنهي القتال في الشمال”. وإذا فسرنا أقواله كما هي، فإن غالانت مثل الأمريكيين وجهاز الأمن، يسعى إلى مخرج من الحرب. هو يعتقد بإمكانية لاستئناف القتال، لكن بعد إعادة المخطوفين إلى البيت على الأقل.
لم يأت بعد هجوم الرد لحزب الله وإيران، لكن الخوف الوطني وصل إلى رقم قياسي جديد في 9 آب العبري، ومعه جولة أخرى من الشائعات التي تغرق الشبكات الاجتماعية. الشجار الذي استأنفته القيادة العليا عشية ما يمكن أن يتطور إلى حرب إقليمية، يثبت عدم اكتراث نتنياهو من زيادة قوة اللهب، دون أي اعتبار لمصلحة الدولة التي هي في حالة حرب.
إهانة وزير الدفاع لا تؤثر في الداخل فحسب، بل في الخارج أيضاً؛ فهي جزء من عوامل “الردع” المتآكل والآخذ في التآكل، وهي جزء من شبكة علاقاتنا مع الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة. نعيش في فقاعة حامض منفصلة بفضل الشرخ الداخلي والانقلاب الهادئ ووسائل الإعلام التي لا تريد أن تتحدى شعباً هو في حالة تحد أصلاً. لا نرى بأن إيران وحزب الله غير خائفين من مهاجمتنا.
العالم يتوسل لطهران؛ يضغط ولكنه لا يهدد. من ناحية إيران، إسرائيل “بالغت” في الهياج، وتستحق الرد الذي يخططونه لها. معظم الإسرائيليين يميلون إلى الاستخفاف بهذا التفسير: هل ستقدم إيران لنا المواعظ في حربنا المبررة، اليهودية المكابية؟ ولكن بالنسبة لكثيرين في الغرب، فإسرائيل تجاوزت العتبة، سواء باستخدام القوة أو المس بالمدنيين أو مواصلة الحرب التي لا نهاية لها. عندما يعرض رئيس الحكومة ووزير الدفاع جبهة ضعيفة جداً أمام العالم، الذي يراقب منذ بداية الانقلاب النظامي تخريب الدولة التي قامت حكومتها لتدميرها، فليس من الغريب إذاً أن تكون هذه هي حالتنا.
يوسي فيرتر
هآرتس