كيف يتفادى الطيار المُقاتل الصواريخ جو-جو؟
موقع الدفاع العربي 24 يونيو 2024: يعتقد الكثير أن المقاتلات ليس أمامها أي فرصة للإفلات من الصواريخ جو-جو حال إطلاقها. وهذا الاعتقاد يرجع للسرعة العالية التي تتميز بها صواريخ جو-جو الحديثة (قد تصل لـ 3 ماخ و4 ماخ في بعض الصواريخ) ولقدرتها على الانحراف والاتجاه بزوايا حادة بمقاومة جاذبية كبيرة ومرونة عالية في مطاردة المقاتلة.
فعلى سبيل المثال المقاتلة يوروفايتر تايفون تستطيع المناورة بـ 9 جي بسرعة 360 عقدة. بينما صاروخ “إيريس تي” (IRIS-T) يستطيع المناورة بـ 60 جي بسرعة 1984 عقدة (أي 3 ماخ).
وثاني نقطة تفوق للصواريخ هي سرعتها العالية. فالصواريخ الحديثة تستطيع الاقتراب من المقاتلة 1200 متر كل ثانية. وهذا يعني أن صواريخ جو-جو BVR (الأبعد من مدى البصر/متوسطة المدى) ستستغرق من 14 إلى 20 ثانية للوصول للمقاتلة. وبالنسبة للصواريخ طويلة المدى ستستغرق من 20 إلى 23 ثانية للوصول للمقاتلة.
لكن في الوقت نفسه نجد أن المقاتلات الحديثة تتفوق على الصواريخ جو-جو في أنها تستطيع الإنعطاف وتغيير الإتجاه في مساحة (قُطر) أضيق من التي يحتاجها الصاروخ جو-جو.
يعتمد الطيار في تكتيكاته للإفلات من الصواريخ جو-جو على جعل الصاروخ يفقد الإغلاق/التتبع (LOCK) على مقاتلته أو استنزاف وقود الصاروخ.
أشهر التكتيكات التي يستطيع الطيار استخدامها للإفلات من الصواريخ جو-جو
• الطريقة الأولى: مُناورة “الإلتفاف الأسطواني”: وهي أن تدور المقاتلة بشكل حلقي داخل أسطوانة (حركة لولبية/حلزونية مُتجهة للأمام) فعندما يطير الطيار بمقاتلته بهذه الطريقة يفقد مستشعر الصاروخ القدرة على تعقب المقاتلة ويفقد الإغلاق على المقاتلة. هذا يرجع لطبيعة تصميم مستشعرات الصواريخ الحديثة حيث يوجد بها نقطة ضعف أو منطقة عمياء عندما تطير المقاتلة بهذا الشكل اللولبى أمام الصاروخ. ولكن بالطبع على شرط أن تكون المقاتلة أمام الصاروخ بمسافة كافية تمنح المقاتلة المساحة والوقت للطيران بهذا الشكل قبل أن يلحقها الصاروخ بسرعته العالية.
• الطريقة الثانية: هي عبارة عن انعطاف بسيط يجبر فيه الطيار الصاروخ على الطيران خلفه في هذه المناورة لاستنزاف طاقته (وقوده) ويجب أن يحرص الطيار على ضبط وحساب الوقت أثناء هذه المناورة حتى لا تطول فترة أطول مما ينبغى فيلحق به الصاروخ. ويجب أن تنتهي هذه المناورة بإلتفاف معقد حاد للهروب من الصاروخ بعد استنزاف طاقته.
• الطريقة الثالثة: وهي أن يهبط الطيار (يغوص: Dive بلغة الطيارين) بمقاتلته لأدنى ارتفاع ممكن ويقترب من الأرض مع تشغيل المحرك بأقصى قوة (تشغيل الحارق اللاحق) لإبعاد المقاتلة أكبر مسافة ممكنة عن الصاروخ. ثم يقوم الطيار بتفادي الصاروخ (فيزيائيًا) فعندما يقترب الصاروخ بمسافة معينة يقدرها الطيار بخبرته يقوم الطيار بسحب المقاتلة في انعطافات حادة لإجبار الصاروخ على فقدان الإغلاق (LOCK) على مقاتلته والإفلات منه. هذه الطريقة تنجح فقط مع الصواريخ جو-جو عندما تطلق من مدى متوسط أو بعيد ولا تصلح في حالات إطلاق الصاروخ من مدى قصير.
الطريقة الرابعة: وتصلح مع حالات إطلاق الصاروخ من مسافات بعيدة. وهي أن يصعد الطيار (يتسلق: Climb بلغة الطيارين) بطائرته للأعلى بأقصى سرعة وارتفاع ممكن (طبعا مع تشغيل الحارق اللاحق للمحرك) فيتم استنزاف وقود الصاروخ. لكن بالطبع الصاروخ أسرع فسيقترب مع مرور الوقت من المقاتلة وعندما يقترب الصاروخ لنحو 1500 متر من المقاتلة يقوم الطيار بالغوص المفاجئ لأسفل ثم سحب المقاتلة لأعلى (لكن يجب أن يحترس الطيار في هذه المناورة من التمادى فى الغوص لأسفل وفقدان السيطرة والإصطدام بالأرض) وبهذه المناورة الأخيرة بسحب المقاتلة لأعلى بعد الغوص بها تكتسب الطائرة طاقة دفع يستغلها الطيار للهروب وتفادي الصاروخ.
ملاحظات هامة يعرفها كل طيار مقاتل
عند إطلاق الصاروخ جو-جو من مسافة قريبة تصبح قدرته على المناورة ضعيفة. لأنه لم يبلغ سرعته القصوى وبالتالي لن يبلغ أقصى قدرته على المناورة الحادة: أقصى عدد من الـ جي: مقاومة الجاذبية (maximum number of g’s). فالصاروخ عند إطلاقه من الطائرة يحتاج لوقت ومسافة معينة للوصول لسرعته القصوى: التسارع (مثل السيارة التي تحتاج لمسافة للوصول لسرعتها القصوى مع الفارق طبعا).
لو الصاروخ جو-جو يتم توجيهه بالرادار فقد تنجح الإنعطافات والمناورات الحادة في الإفلات منه وجعل الصاروخ يفقد الإغلاق (LOCK) على الهدف.
معظم صواريخ جو-جو الحديثة يوجد بها خاصية (التدمير الذاتي) في حالة فقدانها للإغلاق (LOCK) على الهدف و/أو اقتراب إنتهاء وقود الصاروخ وذلك منعًا لسقوط الصاروخ على المدنيين أو على قوات صديقة على الأرض.
في حالة طيران المقاتلة على ارتفاع منخفض جدًا بين تضاريس الأرض قد ينشط ذلك الفيوز التقاربي (proximity fuze) في رأس الصاروخ (الكثير من صورايخ جو-جو الحديثة تمتلك فيوز تقاربي يفجر الرأس الحربي عند اقترابه من المقاتلة حتى بدون التصادم مع جسم المقاتلة). وهو ما قد يلجأ إليه الطيار للهروب من الصاروخ الذى يطارده، مثل الجزء الأول من الطريقة الثالثة لتفادي الصواريخ جو-جو سالفة الذكر.
فى النهاية تعتبر مهارة الطيار وخبرته العملياتية السابقة (في المعارك الجوية الحقيقية) وخبراته التدريبية عاملان أساسيان فى قدرته على النجاة بحياته ومقاتلته من خطر الصواريخ جو-جو.
وبالطبع يأتي بعد ذلك (أو بنفس الأهمية) حالة ومواصفات المقاتلة التي يقودها. فكلما كانت المقاتلة من جيل حديث (كالجيل الرابع++) أو (الجيل الخامس) وتتميز بـ:
1- سرعة قصوى عالية (2 ماخ/ ضعف سرعة الصوت) أو أكثر.
2- رشاقة وقدرة على المناورات الحادة (9 جي).
3- سرعة تسلق عالية.
كُلما كانت نسبة نجاح الطيار في الإفلات من خطر الصاروخ المهاجم أكبر.
استعمال التشويش أو إطلاق الشهب الحرارية والرقائق المعدنية
الطيارون المقاتلون يستخدمون مجموعة من التقنيات لتجنب الصواريخ الجو-جو. هذه التقنيات تعتمد على نوع الصاروخ ونظام التوجيه الذي يستخدمه.
• التوجيه بالأشعة تحت الحمراء: الصواريخ التي تستخدم توجيه الأشعة تحت الحمراء تعتمد على الكشف عن الحرارة المنبعثة من المحركات. الطيارون يمكنهم إلقاء الشُّهب النارية (flares)، التي تنتج مصدر حرارة مشابه للطائرة، لتضليل الصاروخ.
• التوجيه بالرادار: الصواريخ التي تستخدم توجيه الرادار تعتمد على الإشارات الرادارية لتحديد موقع الطائرة. الطيارون يمكنهم استخدام ناثرات الرقائق المعدنية التشويشية (chaff)، التي تعكس الإشارات الرادارية وتضليل الصاروخ.
• المناورة الجوية: الطيارون يمكنهم أيضًا استخدام التقنيات المتقدمة للمناورة الجوية لتجنب الصواريخ. هذا يمكن أن يشمل التحركات الحادة والمفاجئة التي تجعل من الصعب على الصاروخ تتبع الطائرة.
• التشويش الإلكتروني: بعض الطائرات مجهزة بأنظمة تشويش إلكترونية متقدمة تستطيع تضليل أو تعطيل أنظمة توجيه الصواريخ.
من الجدير بالذكر أن القدرة على تجنب الصواريخ الجو-جو تعتمد بشكل كبير على نوع الطائرة والتكنولوجيا المستخدمة فيها.
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
مصدر الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.defense-arabic.com بتاريخ:2024-06-24 23:46:30