لا تمويل من دون تنفيذ الإصلاحات والقرارات الدولية

بعد التحدّيات التي واجهها لبنان، أصبح تنفيذ المشاريع المتكاملة بجدّية بحاجة إلى أكثر من النوايا الصافية والتفاؤل والإيجابية، والحاجة الملحّة الآن هي بتأمين التمويل الداخلي والإقليمي والدولي للوصول إلى الأهداف المَوعودة.
نذكّر بألم وموضوعية، أنّ الخسائر المالية بعد الإنهيار في تشرين 2019، بحسب شركة التدقيق الدولية «ألفاريز آند مارسال» Alvarez & Marsal Holdings, LLC (A&M)، قُدّرت بنحو 70 مليار دولار، بالإضافة إلى ذلك، إنّ كلفة الحرب التدميرية على لبنان، في العام 2024 قُدِّرت بحسب مرصد البنك الدولي بنحو 15 ملياراً. وهذا يعني أنّ لبنان بحاجة إلى 85 مليار دولار ليعود مثلما كان في العام 2017. علماً أنّه حتى في تلك الأوقات كان هناك مشاكل عدة لا تزال في الآفاق.
لا شك في أنّنا انتقلنا من التشاؤم إلى التفاؤل بعد انتخاب رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة، والإتفاق على قيام حكومة فعّالة مع وجوه جديدة وناجحة في قطاعات عدة، ولا سيما بعد نشر الجيش اللبناني على كل الأراضي والحدود. فأصبحت الأولوية في ظلّ هذا الجو الإيجابي، من خلال مشروع متكامل متضامن مع رؤية موحّدة، لكنّ الأهم الآن هو تأمين التمويل لتنفيذ المشاريع وملاحقتها بدقّة.
علينا أن نكون واقعيِّين، ونُدرك جميعاً بأنّ وسائل وسبُل التمويل ليست عديدة: إذا تحدّث البعض عن التمويل عبر الضرائب، فهذه جريمة إضافية، ستطعن بما تبقّى بالاقتصاد، وتُحفّز السوق السوداء والتهريب، عوضاً عن زيادة مداخيل الدولة.
إنّه من المستحيلات الإتكال على الضرائب لسدّ الفجوات أو لتمويل إعادة الإعمار، علماً أنّ الضرائب قد لا تكفي لتسديد المعاشات والرواتب وتأمين الصيانة.
أمّا التمويل من قِبل الدولة، فهذا أيضاً من المستحيلات، لأنّ الدولة قد خسرت كل إمكاناتها، ولن نقبل بإعادة الإقتراض من المصرف المركزي من أموال الشعب والإحتياط الجديد. فإذا أراد البعض أن يتحدّث عن التمويل من القطاع الخاص والشركات والمواطنين، فهذا أيضاً من المستحيل، باعتبار أنّ المواطنين كما الشركات لم يُبلسموا جراحهم جرّاء خسائرهم المالية والنقدية، وكلفة الحرب الأخيرة الباهظة.
هذا يعني، أنّ التمويل الوحيد الممكن، هو عبر المجتمع الإقليمي والدولي، فالمصدر الأول هو التمويل عبر صندوق النقد الدولي، علماً أنّ هذا الإقتراض لن يتعدّى نحو 3-4 مليارات دولار للسنوات الخمس المقبلة، ومشروط بإصلاحات معقّدة وشائكة.
أمّا التمويل عبر البلدان المانحة، وخصوصاً البلدان العربية والشرق الأوسطية، الصديقة، فسترتبط مباشرة بالتزام وتنفيذ القرارات الدولية، ليس فقط الإقتصادية والمالية والنقدية، لكن خصوصاً الأمنية والسياسية.
فبكل موضوعية وواقعية، لا يملك لبنان القدرة على سدّ الفجوات العديدة، وإعادة البناء. وأيّ تمويل إقليمي ودولي سيشترط تنفيذ الإصلاحات المالية والإقتصادية، وخصوصاً التنفيذ الدقيق للقرارات الدولية. بالإضافة إلى ذلك، أي تمويل سيكون عليه تدقيق ويُدفع عبر المصادر الرسمية السليمة، ولن يُعيد المجتمع الدولي أخطاء الأمس، والمؤتمرات الماضية حين استُعملت هذه الأموال للهدر والفساد وتمويل الأحزاب وغيرها من الأهداف الغامضة والسوداء.
في المحصّلة، إنّ لبنان على مفترق طرق، إمّا يستفيد من الاهتمام الدولي القائم واصطفاف الكواكب لإعادة الهيكلة الداخلية، وإعادة إعمار الدولة كأولوية قصوى، وإعادته للدورة النقدية والمالية والاقتصادية الدولية، وإمّا أن يحاول أن يسخر من المجتمع الدولي ويحاول تجاوز المتطلّبات الدولية للاستحصال على تمويل وهمي لن يحدث من جديد.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :lebanoneconomy.net
بتاريخ:2025-03-17 07:10:00
الكاتب:hanay shamout
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>