لعبة الشطرنج بدأت لكن الأهداف النهائية تنتظر الصياغة

هآرتس 15/4/2025، تسفي برئيل: مفاوضات النووي الايراني: لعبة الشطرنج بدأت لكن الأهداف النهائية تنتظر الصياغة
اللقاء الاول بين الوفد الايراني والوفد الامريكي في يوم السبت الماضي اثار اجواء متفائلة. هذا شمل اعتبار اللقاء “محادثات بناءة”، والاتفاق على الالتقاء مرة اخرى في يوم السبت القادم في عُمان أو في اوروبا، والتقارير بأن المبعوث الامريكي ستيف ويتكوف، الذي تبادل بضع الكلمات المباشرة مع نظيره الايراني عباس عراقجي، وحتى أنه عرض مسودة اتفاق، تم ارسالها للاطلاع عليها ومناقشتها في النظام في ايران، وتصريح الرئيس ترامب بأن “المحادثات جيدة جدا”. ولكن كل ذلك بعيد عن أن يشير الى بداية الاتفاق.
عراقجي، الذي ترأس الوفد الايراني للتفاوض حول الاتفاق النووي الجديد في فترة ولاية الرئيس جو بايدن، فان هذه التجربة تذكره بالتفاؤل الذي ساد في نيسان 2021. ففي حينه ظهر أن الطرفين قريبين من التوصل الى اتفاق تاريخي، وحتى أن الرئيس الايراني في حينه حسن روحاني اعلن بعد شهرين بأنه “اذا توفرت الرغبة وحصل رئيس طاقم التفاوض الايراني عباس عراقجي على الصلاحيات اللازمة فان الادارة الامريكية يمكن أن ترفع العقوبات الآن”.
الرغبة المبدئية، اي مباركة الزعيم الاعلى علي خامنئي، كانت وما زالت موجودة الآن ايضا. ولكن بعد ذلك تم تجميد المفاوضات بانتظار دخول الرئيس الجديد المنتخب ابراهيم رئيسي، ولم يكن من الواضح اذا كان خامنئي سيطلب الانتظار الى حين تتويجه من اجل اعطاء له “هدية التوقيع” على الاتفاق، أو أنه سيعطيها على أي حال لروحاني، كهدية وداع. ايضا في هذه المرة، مثلما في العام 2021 وفي العام 2013، في حينه صادق على اجراء المفاوضات التي أدت الى الاتفاق النووي الذي وقع عليه في 2015، خامنئي اظهر نفس “الليونة البطولية” عندما سمح لطاقم المفاوضات الايراني باستئناف المفاوضات مع الامريكيين بعد شهرين على قوله “لا يوجد أي شيء مقدر أو حكيم” في مثل هذا الحوار.
لكن توجد فجوة كبيرة بين الظروف التي نتجت عنها تلك المفاوضات وبين المفاوضات التي بدأت أول أمس. في هذه المرة المفاوضات هي امريكية – ايرانية، لا تشمل الدول التي وقعت على الاتفاق النووي الاصلي، والاتفاق اذا تم التوقيع عليه فسيتم تسجيله على اسم الرئيس الذي تحركه الأنا الكبيرة وانعدام الكوابح. ربما في ذلك تكمن الاحتمالية الحقيقية لنجاح الاتفاق.
المفاوضات تجري في ظل تهديد عسكري امريكي مباشر وصريح، يشمل ايضا “الحد الاقصى من الضغط”، الذي حرر قيوده قليلا الرئيس بايدن، وفي الوقت الذي تعيش فيه ايران احد فترات الضعف. فـ “حلقة النار” التي بنتها بجهد كبير انهارت في معظمها؛ وهي لم تعد تستطيع أن تبيع نفس كمية النفط الضخمة التي تبلغ 2 مليون برميل في اليوم؛ ايضا الاتفاقات الاستراتيجية التي وقعت عليها مع روسيا والصين لا تضمن لها مساعدات عسكرية مباشرة اذا تمت مهاجمتها.
في العام 2021 كانت ايران هي التي أملت الجدول الزمني للمفاوضات، الذي استند الى التطورات السياسية في ايران. الآن ايران موجودة بين ساعتي توقيت لا تسيطر عليهما، احداهما هي الموعد النهائي الذي حدده الرئيس ترامب لبلورة الاتفاق – شهران بعد ارسال الرسالة الى خامنئي في منتصف شهر آذار. الثانية هي الموعد الاخير الذي تستطيع فيه الدول الموقعة على الاتفاق استخدام عملية “آلية الارجاع” المنصوص عليها في الاتفاق النووي الاصلي، أي اعادة تفعيل العقوبات الدولية المفروضة على ايران. هذا التاريخ سيدخل الى حيز التنفيذ في 25 تشرين الاول، لكن الاستعداد له سيستغرق 90 يوم. يمكن التقدير بأنه اذا جرت المحادثات بسرعة واثمرت نتائج عملياتية فان ترامب سيوافق على تأجيل الموعد النهائي، في حين أن الدول الاوروبية يجب عليها الاقتناع بأن هذه الخطوة تبرر التنازل عن الفرصة الوحيدة لاعادة فرض العقوبات.
مفهوم المفتاح الضبابي هو “نتائج عملية”، التي حول جوهرها وتفسيرها ستجري المفاوضات. من التقارير ومن التصريحات لكل طرف فانه ما زال يصعب في الفترة الاخيرة الاستنتاج الى أين تسعى الولايات المتحدة ولماذا ستوافق ايران. المتحدثون الامريكيون يتمسكون بالصيغة التي تقول إن المفاوضات ستجري فقط في قضية النووي وليس أي موضوع آخر، مثل تفكيك منظومة الانتاج ونشر الصواريخ البالستية أو دعم ايران للمنظمات الارهابية. الادارة الامريكية، في المقابل، تحدثت حتى الآن بعدد من الاصوات. ويتكوف اوضح أن الرئيس يعمل على التوصل الى آلية رقابة ناجعة للبرنامج النووي، في حين أن مايك وولتس، مستشار الامن القومي، قال إنه يجب تفكيك المشروع النووي بشكل كامل ومنظومة الصواريخ البالستية ايضا. ترامب نفسه حافظ حتى الآن على الغموض، كما يبدو في انتظار أن يعرف ما هي حدود الاتفاق المحتملة من اجل رسم حولها الهدف الذي يمكن أن يحدد له ما هو النجاح.
اذا حكمنا على الامور حسب سلوك ترامب، الذي عين بالذات ويتكوف لاجراء المفاوضات وليس وولتس، وحسب تصميمه الواضح على تحقيق الاتفاق، يمكن التقدير بأن الشروط الاساسية في أي اتفاق ستكون مقلصة اكثر، وربما حتى اقل من شروط الاتفاق النووي الاصلي. ليس من نافل القول بأنه في ولايته السابقة اقال ترامب الصقرين المتشددين اللذين جلسا على اكتافه، مستشار الامن القومي جون بولتون، الذي شجع على عملية عسكرية ضد ايران، ووزير الخارجية مايك بومبيو، الذي صاغ الشروط الـ 12 التي يجب على ايران تنفيذها في أي اتفاق سيتم التوقيع عليه معها. الاثنان كانا ايضا الركيزة الثابتة لنتنياهو عندما بذل جهد لا ينقطع لاقناع ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي. ويتكوف في المقابل جاء برسالة اخرى، ليس بالضرورة سيرى مع نتنياهو بنفس المنظار تفسيره لاقصاء الخطر الايراني. ولكن رئيس الحكومة الاسرائيلية أصبح يتعين عليه الفهم بأنه في كل ما يتعلق بايران فان ترامب في الواقع “قام بتعيينه” (نتنياهو) لقيادة الهجوم العسكري. ولكن هو الذي سيحدد الشروط لتنفيذ هذا الهجوم.
ايران التي انتظرت سنة قبل البدء في خرق الاتفاق النووي قبل انسحاب الولايات المتحدة منه، اعلنت بشكل ثابت أنها ستكون مستعدة مع ذلك للعودة الى الشروط والقيود المنصوص عليها في الاتفاق شريطة رفع العقوبات والحصول على ضمانات بأن الولايات المتحدة لن تخرق مرة اخرى الاتفاق. يبدو أن هذه الاقوال يمكن أن تكون الاساس لمواصلة المفاوضات. ولكنها تنطوي على حقل الغام يهدد أي اتفاق يسعى اليه الطرفين. لأن ترامب لا يريد العودة الى الاتفاق القديم ويطرح مبادرته كسعي الى اتفاق جديد، افضل وموثوق اكثر من الاتفاق الذي وقع عليه خصمه براك اوباما. في المقابل، غير معروف اذا كانت ايران نفسها مستعدة للتوقيع على اتفاق جديد فقط مع امريكا، بدون الغلاف الدولي الذي وفر لها ضمانات لرفع العقوبات.
مسألة اخرى ما زالت لا توجد اجابة عليها وهي كيف ينوي الطرفين بلورة الاتفاق النهائي. هل تنوي الولايات المتحدة وايران فعل ذلك بمرة واحدة، كل شيء مقابل كل شيء في جدول زمني قصير، أو الانجرار الى رحلة متعبة من اتفاق على مراحل، لا يضمن استكمال كل العملية. التسريبات التي نشرت مؤخرا، منذ جولة المحادثات الاولى، تتحدث عن طلب ايران الحصول على مليارات الدولارات التي تم تجميدها في حساباتها في بنوك العالم كبادرة حسن نية وبناء الثقة. في نفس الوقت نشر أن الولايات المتحدة يمكن أن تدفع قدما باتفاق مقلص لفترة قصيرة، الذي سيضع الاساس لاتفاق شامل ونهائي.
هذه التقارير ربما تشير الى بنية تخطيطية تدريجية، لكن في هذه الاثناء يجب النظر اليها بتشكك، لأنها تتعامل مع تكتيك لاجراء المفاوضات، في حين أن الاهداف النهائية لها لم تتم معرفتها حتى الآن.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-04-15 16:44:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>