اقتصاد

لماذا تتعثر مبيعات السيارات الكهربائية

يشكك المحللون في إمكانية رؤية العالم يحقق أهدافه المناخية الصافية ما لم يتخل الناس عن سيارات الوقود، وهو مطمح يصطدم بعراقيل التنافسية والتكاليف الباهظة ولعبة الرسوم الجمركية بين الصين والغرب، والتي أثبتها بوضوح تراجع المبيعات في 2024.

شهد التحول إلى السيارات الكهربائية تذبذبا هذا العام، حيث تعمل الحكومات على تقليص الحوافز المالية للمشترين، بينما يتوقف نمو المبيعات وتعيد الشركات التفكير بشأن بعض الخطط الاستثمارية التي كانت مبنية على التحول السريع.

ولسنوات، قدمت الحكومات إعانات دعم سخية للتشجيع على التحول إلى السيارات الكهربائية نظرا لأن النقل البري يمثل 15 في المئة من انبعاثات الغازات الدفيئة. ومع انخفاض الأسعار وتحسن التكنولوجيا، انتقلت السيارات عديمة الانبعاثات من السيارات المتخصصة إلى السيارات السائدة.

وبدأت الشركات في إعادة تجهيز المصانع وتقديم مجموعة واسعة من الطرز الكهربائية لتلبية الطلب وانخفضت الأسعار إلى مستويات أقرب إلى أسعار مركبات الوقود، وبدأت وكأن عصر محركات الاحتراق قد ينتهي في وقت أقرب مما كان متوقعا.

ورغم استمرار الصين في تسجيل نمو في هذا القطاع، فقد شهد الطلب في أوروبا وأميركا الشمالية تراجعا، بحسب تقديرات منصة بلومبيرغ أن.إي.أف.

وتضاعفت مبيعات السيارات الكهربائية بالكامل بالإضافة إلى السيارات الهجينة التي يمكن تشغيلها أيضًا بالبنزين أو الديزل بأكثر من الضعف في عام 2021 ونمت بنسبة 62 في المئة خلال عام 2022.

لكن النمو تباطأ إلى 31 في المئة العام الماضي. وكانت الصين المحرك الرئيسي، حيث استحوذت على 59 في المئة من المبيعات العالمية، باستثناء المركبات التجارية.

وفي أوروبا والولايات المتحدة، اتجه التحول إلى السيارات الكهربائية إلى الاتجاه المعاكس، حيث استحوذت السيارات ذات أنابيب العادم على حصة متزايدة من إجمالي المبيعات.

وانكمشت حصة السيارات التي تعمل بالبطارية في أوروبا إلى 14 في المئة في أغسطس مما يزيد قليلا عن 15 في المئة قبل عام. وفي ألمانيا، أكبر سوق في القارة، انخفضت مبيعات السيارات الكهربائية بنسبة 69 في المئة.

ويتوقع الباحث في مجال السيارات جي دي باور أن تمثل النماذج التي تعمل بالبطاريات 9 في المئة من المبيعات في الولايات المتحدة هذا العام، بانخفاض عن التقدير السابق البالغ 12.4 في المئة.

وتحذر بعض الشركات في أوروبا الآن من أنها قد تتكبد غرامات بمليارات اليوروهات إذا لم تتمكن من تحقيق الأهداف المناخية الطموحة للاتحاد بسبب انخفاض مبيعات السيارات الكهربائية.

وبالنسبة للموجة الأولى من هذه المركبات، فقد تمكنت الشركات من منح السائقين جاذبية كونهم متبنين مبكرين، مع تزويدها بأدوات ووظائف تقنية لتعزيز مكانتها.

وكان السائقون الذين احتاجوا للفوز بها بعد ذلك أكثر وعيا بالكلفة، وكانوا أيضا أكثر عرضة للتشكيك في التكنولوجيا، والحذر من شراء سيارة كهربائية عندما لم يكونوا متأكدين من إمكانية العثور على مكان لإعادة شحنها في الطريق.

وهذا هو الحال بشكل خاص في الولايات المتحدة، حيث تتجمع مواقع الشحن في المدن وعلى طول السواحل الشرقية والغربية.

التوجه العالمي لكهربة النقل البري جعل الشركات الغربية تواجه تهديدا تنافسيا كبيرا من الصين

وتزامن انخفاض المبيعات مع إلغاء الدعم الحكومي في أوروبا، ودون ذلك لا تزال المركبات الكهربائية باهظة الثمن مقارنة بالسيارات المماثلة التي تعمل بحرق الوقود.

وفي المتوسط، تزيد أسعار السيارات الكهربائية بالكامل بمقدار 30 في المئة في أوروبا و27 في المئة في الولايات المتحدة.

وهناك سيارات كهربائية أرخص، وبالأخص في الصين. لكن الحكومات الغربية تحمي شركاتها من خلال الرسوم الجمركية وغيرها من الحواجز لإبقاء الصانعين في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، مثل بي.واي.دي في مأزق.

ومع ذلك أظهرت بيانات اتحاد مصنعي السيارات الصيني أن الشركات باعت أكثر من 7 ملايين وحدة خلال أول 8 أشهر من 2024 بنمو قدره 30.9 في المئة بمقارنة سنوية.

وخففت العديد من الشركات المصنعة، بما في ذلك جنرال موتورز وفورد ومرسيدس – بنز وفولفو وتويوتا من طموحاتها في مجال السيارات الكهربائية.

وتستهدف الشركات التي لها تاريخ طويل في صنع المركبات التي تعمل بمحركات الاحتراق بيع 23.7 مليون وحدة في عام 2030، أي أقل بأكثر من 3 ملايين وحدة مما توقعته العام الماضي.

وحتى تسلا الأميركية التي بذلت الكثير من الجهد لجعل السيارات الكهربائية تحظى بشعبية كبيرة، توقفت عن الإشارة إلى هدفها المتمثل في تسليم 20 مليون وحدة سنويا بحلول نهاية هذا العقد.

الشركات تستهدف بيع 23.7 مليون سيارة كهربائية في 2030، أي أقل بأكثر من 3 ملايين وحدة مما توقعته العام الماضي

وتقوم فورد بإلغاء سيارة الدفع الرباعي الكهربائية بالكامل ذات الثلاثة صفوف وتأجيل سيارة بيك آب من الجيل التالي، مما يخفض إنفاقها على السيارات الكهربائية إلى 30 في المئة من إنفاقها السنوي البالغ سابقا 40 في المئة.

كما تعمل فولكسفاغن أيضا بخفض الإنتاج، حيث تجري أكبر شركة لصناعة السيارات في أوروبا، مفاوضات متوترة مع النقابات بشأن خطة محتملة لإغلاق مصنعين في ألمانيا.

واكتسب المنتجون الصينيون اليد العليا في تكنولوجيا السيارات الكهربائية ويتفوقون على العلامات التجارية الأوروبية في الصين، أكبر سوق للسيارات الكهربائية في العالم. وحققوا أيضا تقدما في أوروبا، حيث لم يكن لهم وجود يذكر حتى وقت قريب نسبيا.

ويعد الانتقال إلى المركبات الكهربائية إحدى ركائز الطموحات العالمية للحد من تغير المناخ، وهو تحد كبير لهذه الصناعة التي تعتبر بالغة الأهمية للعديد من الاقتصادات.

ويوظف القطاع مئات الآلاف من الأشخاص، كما يفعل الموردون مثل شركات تصنيع البطاريات التي تضررت من التباطؤ.

وعلى سبيل المثال، تخلت شركة نورث فولط أي.بي، منتج البطاريات الواعد في أوروبا، عن 20 في المئة من قوتها العاملة العالمية، وأوقفت خطط التوسع مؤقتا بسبب تباطؤ الطلب.

ويقول الخبراء إن التوجه العالمي لكهربة النقل البري جعل الشركات الغربية تواجه تهديدا تنافسيا كبيرا من الصين، التي أخذت زمام المبادرة مبكرا في تكنولوجيا السيارات الكهربائية.

وتواجه الحكومات الغربية الآن معضلة، ففتح الباب أمام المزيد من الواردات وتصنيع السيارات الكهربائية الصينية وقطع غيارها من شأنه أن يساعد في الحفاظ على انخفاض الأسعار في أوروبا وأميركا الشمالية وتحفيز الطلب.

الحكومات على ضفتي الأطلسي تفرض حواجز إضافية على الواردات لحماية صناعات التكنولوجيا النظيفة الناشئة من المنافسة الصينية

ولكنه في المقابل قد يؤدي إلى تقويض المصنعين المحليين وتعزيز هيمنة الصين على الصناعات النظيفة في المستقبل.

وحاليا، تفرض الحكومات على ضفتي الأطلسي حواجز إضافية على الواردات لحماية صناعات التكنولوجيا النظيفة الناشئة من المنافسة الصينية.

وميزة التسعير في الصين لافتة للنظر، فقد انخفضت كلفة البطاريات إلى 126 دولارا لكل كيلوواط في الساعة على أساس متوسط الحجم، في حين أن أسعار البطاريات أعلى بنسبة 11 في المئة في الولايات المتحدة وأعلى بنسبة 20 في المئة في أوروبا.

وفي هذه الأثناء، يكشف المصنعون الصينيون بالفعل عن جيل جديد من البطاريات التي تعتمد على الصوديوم، وهو أكثر وفرة من الليثيوم المستخدم الآن في بطاريات السيارات الكهربائية، وأقل عرضة للاشتعال.

ويعتقد محللو بلومبيرغ أن.إي.أف أن هناك راحة في الأفق، إذ تدرس بعض الحكومات، التي انزعجت من التراجع الأخير في الطلب على السيارات الكهربائية، ما إذا كانت ستستعيد حوافزها المالية للمشترين.

وجميع الشركات التي قامت بإعادة تشكيل مصانعها لتصنيع المركبات الكهربائية تعني أنها تقترب من تقديم مجموعة واسعة من النماذج ذات الأسعار المعقولة لإغراء المشترين المترددين.

ففي أوروبا، يمكن لسبعة طرز كهربائية جديدة تكلف أقل من 25 ألف يورو (27.8 ألف دولار) أن تصل إلى السوق هذا العام والعام المقبل، بما في ذلك رينو 5 الجديدة وسيتروين إي.سي، وفقا لمجموعة الضغط المعنية بالنقل والبيئة.

وفي هذا السيناريو المتفائل، يمكن أن تستحوذ المركبات الكهربائية على ما يصل إلى 24 في المئة من السوق الأوروبية في العام المقبل، وفقا لشركة تي آند إي، التي تدعو إلى النقل والطاقة النظيفة.

وسيكون ذلك بمثابة قفزة كبيرة من حصة سوق السيارات الكهربائية البالغة 12.5 في المئة في دول الاتحاد خلال أول سبعة أشهر من عام 2024، بحسب رابطة مصنعي السيارات الأوروبية.

The post لماذا تتعثر مبيعات السيارات الكهربائية appeared first on Lebanon Economy.

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :lebanoneconomy.net بتاريخ:2024-09-30 06:37:25
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من Beiruttime اخبار لبنان والعالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading