لماذا تراقب طائرات التجسس الأمريكية MQ-4C Triton فائقة التطور الحدود المصرية؟

موقع الدفاع العربي 29 مارس، 2025: تشهد المنطقة في الفترة الأخيرة تحركات عسكرية غير اعتيادية، ومن أبرزها تحليق طائرات الاستطلاع والتجسس الأمريكية من طراز MQ-4C Triton بمحاذاة الحدود المصرية. هذه الطائرات التي تنطلق من قاعدة سيغونيلا الإيطالية، القريبة من مصر، تعتبر من أحدث أنظمة الاستطلاع الجوي، حيث جاءت رحلتها الأخيرة بمحاذاة الحدود الليبية، ثم استمرت بمحاذاة السواحل المصرية، واقتربت بشكل أكبر عند منطقة الدلتا، قبل أن تشير بعض المصادر إلى امتداد مسارها نحو المناطق الشرقية، ثم عادت مجددًا إلى قاعدتها في إيطاليا.

ما يجعل هذه الطائرة ذات أهمية كبيرة هو قدراتها المتقدمة في مجال الاستطلاع والرصد الإلكتروني. فهي طائرة غير مأهولة قادرة على جمع معلومات استخباراتية بالغة الأهمية دون الحاجة إلى اختراق الأجواء المصرية أو حتى دخول المياه الإقليمية. تمتلك مستشعرات متطورة تستطيع رصد إشارات الرادارات المصرية وتحديد مواقعها من مسافات بعيدة تصل إلى 926 كم، مما يسمح لها بجمع معلومات دقيقة حول طبيعة أنظمة الدفاع الجوي وموجاتها الكهرومغناطيسية. هذا النوع من العمليات يساعد على بناء ما يسمى “مكتبة التهديدات”، التي تستخدم لاحقًا لتحديد كيفية التعامل مع أنظمة الدفاع، سواء بالتشويش الإلكتروني أو الاستهداف المباشر.

الطائرة مزودة أيضًا برادار فتحة اصطناعية بمدى 370 كم، قادر على التصوير ورسم خرائط العمليات حتى في ظل عمليات التمويه، مما يتيح لها رصد الأهداف البرية والبحرية بدقة عالية. كما تحتوي على كاميرا استشعار كهربصري متطورة يصل مداها إلى أكثر من 55 كم، مما يمكنها من تغطية وتصوير 7 ملايين كيلومتر مربع خلال رحلة واحدة تدوم 24 ساعة. تحلق على ارتفاعات شاهقة تتجاوز 50 ألف قدم، ما يجعلها بعيدة عن مدى الدفاعات الجوية قصيرة المدى، ولا يمكن استهدافها إلا بأنظمة بعيدة المدى. الأهم من ذلك، أنها تستخدم الذكاء الاصطناعي في تمييز الأهداف العسكرية والتركيز عليها، مع إمكانية بث جميع البيانات بشكل مباشر إلى مركز القيادة عبر وصلة بيانات فضائية مشفرة.

هذا النوع من الطائرات كان له دور رئيسي في حرب أوكرانيا وروسيا، حيث نفذت طلعات استطلاعية قبل أي عملية عسكرية أوكرانية، خصوصًا باتجاه القرم، حيث رصدت مواقع السفن الحربية وأنظمة الدفاع الجوي والقواعد الجوية. هذه المعطيات تجعل تحركات الطائرة الأمريكية بالقرب من السواحل المصرية ذات دلالات واضحة، خصوصًا مع تصاعد التوترات الإقليمية والتحركات العسكرية المصرية الأخيرة، مثل رفع حالة الاستعداد القتالي في الجيش الثاني، وزيارات وزير الدفاع ورئيس الأركان لمختلف الأفرع العسكرية.

الحديث عن هذه التطورات يقود إلى سؤال بديهي حول سبب عدم قيام مصر بمنع هذا النوع من الطائرات من التحليق. الإجابة تكمن في أن الطائرة لم تخترق الأجواء المصرية، حيث تبقى على بعد أكثر من 12 ميلاً بحريًا عن الحدود، وهو الحد القانوني الذي يسمح لمصر باتخاذ إجراءات مضادة في حالة الاختراق. لكن بالرغم من ذلك، هناك أساليب أخرى للتعامل مع هذه الأنشطة، مثل التشويش الإلكتروني، أو استخدام ترددات خادعة للتلاعب بالمعلومات التي تجمعها الطائرة. كما أن توقيت هذه العمليات قد يكون مناسبًا أيضًا لإرسال رسائل ردع واضحة عبر إظهار الجدية في التحركات العسكرية.

نور الدين من مواليد عام 1984، المغرب، هو كاتب وخبير في موقع الدفاع العربي، حاصل على ديبلوم المؤثرات الخاصة، ولديه اهتمام عميق بالقضايا المتعلقة بالدفاع والجغرافيا السياسية. وهو مهتم بتأثير التكنولوجيا على أهداف السياسة الخارجية بالإضافة إلى العمليات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إقرأ المزيد

Next post

Back to Top