لماذا تُحرك مصر دباباتها عبر صحراء سيناء؟

في الوقت نفسه، أشارت إسرائيل إلى تحرك دبابات Patton نحو ما يسمى “المنطقة أ” حسب اتفاقية السلام لعام 1979، وهي أقرب منطقة إلى قناة السويس الحيوية. ويبدو أن عدد الدبابات المنتشرة هناك يتجاوز بكثير الحد المسموح به البالغ 230 دبابة في تلك المنطقة، ما أثار غضب المسؤولين الإسرائيليين.

وليست دبابات Patton فقط ما يثير انزعاج إسرائيل. فقد بدأت دبابات M1A1 Abrams الحديثة في الوصول إلى المنطقة أيضًا. وتم رصد دبابات Abrams وهي تتحرك نحو نقاط تجمع في وسط سيناء وقرب معبر رفح الحدودي.

أسطول الدبابات المصري الضخم

تُعد دبابة M60A3 Patton من بقايا الحرب الباردة، وقد دمجتها مصر في قواتها المسلحة كمنظومة قديمة تعمل جنبًا إلى جنب مع النماذج الأمريكية الأحدث مثل M1A1 Abrams.

وقد طُورت هذه الدبابة من قبل الجيش الأمريكي في خمسينيات القرن الماضي، وتم تحديثها خلال السبعينيات، حيث دخلت النسخة M60A3 الخدمة عام 1978، وهي مزودة بأنظمة تحكم في النيران مطورة، ومنظار حراري، ومدفع رئيسي عيار 105 مم يمكنه إطلاق أنواع مختلفة من القذائف، بما فيها الخارقة للدروع.

وحصلت مصر على مئات من هذه الدبابات من خلال شراكة المساعدات العسكرية مع الولايات المتحدة منذ الثمانينيات، ووصل عددها إلى نحو 1000 دبابة من سلسلة M60 بحلول عقد 2000.

تبلغ سرعة M60 القصوى 48 كم/س، ويعمل محركها بقوة 750 حصانًا. وتوفر دروعها، التي تصل سماكتها في بعض المناطق إلى 250 ملم مع التحديثات، حماية جيدة ضد التهديدات القديمة، لكنها غالبًا ما تكون أقل كفاءة أمام الأسلحة المضادة للدبابات الحديثة. ورغم أنها أقل تقدمًا من Abrams، إلا أنها تعتبر خيارًا متينًا وأقل تكلفة يُستخدم كدعم لقوة دبابات Abrams الحديثة.

أما دبابات M1A1 Abrams، فقد أدخلتها مصر إلى قواتها المسلحة من خلال اتفاق إنتاج مشترك، لتصبح حجر الزاوية في الجيش المصري.

طُورت Abrams في الثمانينيات من قبل شركة جنرال ديناميكس، وتتميز بمدفع رئيسي أملس عيار 120 مم، ودروع مركبة متقدمة من نوع “تشوبهام”، ونظام تحكم نيراني مع تصوير حراري. وقد بدأت مصر في تجميع هذه الدبابات في التسعينيات في مصنع قرب القاهرة، وتسلمت أكثر من 1300 دبابة منها حتى عام 2025، مهيأة للعمل في ظروف الصحراء القاسية.

تعمل دبابة M1A1 Abrams بمحرك توربيني غازي من نوع Honeywell AGT1500 بقوة 1,500 حصان، ما يمنحها سرعة تصل إلى 68 كم/ساعة على الطرق المعبدة. وتوفر دروعها المركبة، مع التحديثات التفاعلية، حماية قوية ضد أغلب التهديدات المضادة للدروع، فيما يمكن لمدفعها الرئيسي إطلاق ذخائر متقدمة مثل M829 APFSDS القادرة على اختراق الدروع الثقيلة.

نسخة مصر من هذه الدبابة أقل تطورًا من النسخة الأمريكية الأصلية، إذ تفتقر لبعض الأنظمة السرية. ومع ذلك، فهي منظومة قتالية عالية الكفاءة، وتم تعديلها خصيصًا لتلائم ظروف القتال الصحراوي، ما يجعلها ملائمة بشكل خاص للعمليات في شبه جزيرة سيناء.

بالرغم من أن الجيش الإسرائيلي يمتلك قدرات قاتلة إذا ما نشب صراع مع مصر، فإن المؤشرات الحالية توضح أن مصر تعتمد وضعية دفاعية متقدمة وليست هجومية.

لا يبدو أن القاهرة مهتمة بغزو غزة أو الدخول في مواجهة مع إسرائيل. بل إن وجود هذه الدبابات يُعد استعراضًا للقوة يهدف إلى منع تدفق اللاجئين الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية. ويُفترض أن الدافع وراء ذلك هو الخوف من أن هؤلاء اللاجئين لن يُسمح لهم بالعودة، وبالتالي ستتحمل مصر مسؤوليتهم لعقود، كما هو حال دول أخرى تستضيف لاجئين فلسطينيين.

الواضح أن الوضع الإقليمي يتدهور بسرعة. فمع سعي إسرائيل لمواجهة حماس في غزة، وفتح في الضفة الغربية، وحزب الله في لبنان، وإيران، فإن أطرافًا إقليمية مثل مصر وتركيا تقف موقفًا معارضًا للتحركات الإسرائيلية، مما يُعقّد تلك الجهود ويُضعف الوضع الأمني العام لإسرائيل في المنطقة.

نور الدين من مواليد عام 1984، المغرب، هو كاتب وخبير في موقع الدفاع العربي، حاصل على ديبلوم المؤثرات الخاصة، ولديه اهتمام عميق بالقضايا المتعلقة بالدفاع والجغرافيا السياسية. وهو مهتم بتأثير التكنولوجيا على أهداف السياسة الخارجية بالإضافة إلى العمليات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إقرأ المزيد

Next post

Back to Top