لم يقترح احد نقل السكان لاعادة الاعمار في سورية، وهذا يمكن أن يحدث في غزة بإد

هآرتس 7/2/2025، تسفي برئيل: لم يقترح احد نقل السكان لاعادة الاعمار في سورية، وهذا يمكن أن يحدث في غزة بإدارة السلطة
فقط قبل ثلاثة اشهر كان الرئيس المؤقت لسوريا، احمد الشرع، مخرب كبير مطلوب، ومنظمته كانت مشمولة في قائمة منظمات الإرهاب الدولية. ولكن بعد ذلك أخذ يترسخ كرئيس دولة عقلاني وذكي، ويبدو أنه ينوي إعادة تأسيس سوريا على أسس صحيحة. الشرع تسلم دولة مدمرة، خزينتها فارغة باستثناء بضعة عشرات الملايين التي حصلت عليها كمساعدات إنسانية، وبدون جيش حقيقي، عدا عن مجموعة تتكون من 70 مليشيا، وهو يحاول صب فيها أساسات دولة. البنى التحتية المدنية مثل منظومات القضاء، التعليم، الصحة والرفاه، في سوريا تعمل هي ايضا في نطاق أساسي فقط، بعد أن قُتل معظم الطاقم البشري المهني، الذي كان يتولى ادارتها، في الحرب الاهلية أو هرب من الدولة. منطقتان كبيرتان في سوريا، منطقة الاكراد في شمال الدولة ومنطقة الدروز في الجنوب، تهددان بالانفصال عن الدولة، الى كانتونات غير محكومة من قبلها؛ حوالي 7.5 مليون من سكانها مهجرين وحوالي 5 ملايين منهم يعيشون كلاجئين خارج سوريا.
يمكن إضافة الى مشكلات سوريا أيضا الهزة الأرضية الشديدة التي حدثت فيها وفي تركيا بالضبط قبل سنتين. سوريا هي منطقة كوارث، “موقع دمار”، حسب اقوال الرئيس ترامب عن قطاع غزة. ولكن خلافا لغزة، سوريا دولة تجذب الاهتمام، واعتبرت فجأة دولة مستقبلها مليء بالفرص الحقيقية مقابل حلم الفيلات الذي يحلق في فضاء ترامب في غزة.
يبدو أن سوريا “الجديدة” هي نتيجة أخرى للحرب التي تشنها إسرائيل ضد حماس وحزب الله. الرواية السائدة هي أنه بدون القضاء على قيادة حزب الله وتصفية حسن نصر الله فان العملية التي جاءت في اعقاب الحرب في غزة، وبدون الضربة التي تعرضت لها ايران وامتداداتها، فانه كان مشكوك فيه أن تشن منظمة الشرع الحملة التي انتهت باسقاط نظام الأسد. ليس فقط النظام هو الذي سقط في العملية الناجحة، بل أيضا تحطمت معه المنظومة الاستراتيجية الدولية التي كان يتغذى عليها. فايران تم اقصاءها، وروسيا التي سيطرت بالكامل على الدولة تجري الآن مفاوضات من أجل أن تبقي لها على الأقل القاعدتين العسكريتين.
لا يقل عن ذلك أهمية هو الدخول السريع للسعودية، تركيا وقطر، الى الفضاء الفارغ الذي خلفته ايران وروسيا خلفها. كل واحدة منها تعهدت في السابق بارسال للنظام الجديد مليارات الدولارات لاعادة ترميم الدولة، وتركيا دخلت في مفاوضات على إعادة بناء جيش الشرع؛ الرئيس الفرنسي عمانويل ميكرون دعاه لزيارة فرنسا؛ المانيا تفحص طرق للمساعدة؛ الاتحاد الأوروبي جمد العقوبات على سوريا لمدة سنة؛ الولايات المتحدة جمدتها لنصف سنة. ترامب الذي يتطلع الى سحب قواته من سوريا، التي اعتبرها قبل سنوات “بلاد ليس فيها غير الرمال”، فقط ينتظر اللحظة التي سيستكمل فيها الشرع سيطرته على الدولة.
الوقت ما زال مبكرا للقول بأن سوريا تسير على المسار الصحيح، ولا نعرف أي نظام سيقوم فيها. الشرع أوضح في السابق بأن هناك حاجة الى اربع سنوات على الأقل قبل صياغة دستور جديد وتحديد موعد للانتخابات. أيضا لا يوجد يقين بأن الشرع سينجح في توحيد الدولة وصهر المليشيات في جيش متماسك والتصالح مع الاكراد والدروز. وحتى الآن بقيت علامة استفهام فيما يتعلق بطابع الدولة: هل سوريا العلمانية للاسد ستصبح دولة شريعة راديكالية؟ هل ستتبنى نموذج تركيا؟ هل الشرع سيقود الدولة في اتجاه آخر؟. ولكن هذه ستكون قصة لن تقلق ترامب.
توجد مسافة كبيرة تفصل بين سوريا وغزة، والفروقات بينهما كبيرة. خلافا لغزة فان سوريا ما زال يمكنها الاستناد الى بنية تحتية إدارية (حتى لو كانت متهالكة)، وتوجد فيها قيادة معترف بها، التي استبدلت القيادة السابقة، وهي الآن تحظى بغطاء مساعدات واعدة، وتوجد لها قوة عسكرية التي هي في الواقع حتى الآن تحارب ضد بقايا النظام السابق، لكنها تفرض، بشكل ممنهج، سلطتها. لا يوجد أي رئيس امريكي يقترح على رئيسها اخلاء الدولة من سكانها من اجل البدء في عملية إعادة الاعمار، أو أن يدير بدلا منه الدولة من اجل أن يقيم فيها ريفييرا ضخمة تخدم جميع مواطني العالم. بالعكس، الدول التي تستضيف اللاجئين السوريين، على رأسها تركيا، لبنان وألمانيا، فقط تتمنى اللحظة التي تستطيع فيها اعادة اللاجئين الى بيوتهم، وهي أيضا مستعدة الى دفع أموال طائلة لتحقيق ذلك.
الشرع نفسه هو الذي يضع الآن الكوابح في عجلات حركة العودة الى الوطن. هذا الأسبوع نشر موقع “الاخبار” اللبناني، المقرب من حزب الله، تفاصيل ممتعة عن اللقاء بين الشرع ورئيس الحكومة اللبناني المؤقت نجيب ميقاتي، قبل استبداله بنواف سلام. في اللقاء الذي اجري قبل شهر طلب ميقاتي تسريع عودة حوالي مليون لاجيء سوري الى سوريا الذين يعيشون في لبنان. “يجب أن تكونوا صبورين معنا، مثلما نحن صبورين تجاه الأموال التي اودعها النظام السوري في البنوك اللبنانية، والتي تعود الآن الى النظام الجديد في دمشق”.
الشرع أيضا غير مستعجل لمعالجة ترسيم الحدود بين سوريا ولبنان، الذي سيحدد مرة والى الأبد هل منطقة مزارع شبعا، التي كانت بؤرة مواجهات بين إسرائيل ولبنان، هي للبنان أو لسوريا. “حتى الآن لا توجد لدينا آلية حكومية يمكنها مناقشة هذا الامر”، قال. الرئيس السوري الذي صرح عند تسلمه لمنصبه بأنه لا ينوي شن حرب ضد إسرائيل، قال في اللقاء مع ميقاتي بأنه في كل ما يتعلق بالتواجد الإسرائيلي في سوريا، هو حصل على تعهدات (من دول كبيرة) بأن إسرائيل ستنسحب الى الخط الذي تحدد في 1974، في اللحظة التي تستطيع فيها سوريا السيطرة على كل أراضيها، بدون تحديد جدول زمني.
يبدو أن التمييز المهم جدا، الذي يدل على الرؤية الاستراتيجية للشرع، يكمن في الرؤية التي طرحها على ميقاتي حول جوهر الدولة. الشرع أوضح لرئيس الحكومة اللبناني بأنه لن يسمح لإيران بأن تنقل السلاح والأموال لحزب الله عبر سوريا، وحتى أنه سأله كيف يتقدم نزع سلاح حزب الله. على ذلك أجاب ميقاتي بأن “الموضوع يحتاج الى نقاش داخلي في لبنان حول استراتيجية الدفاع ضد العدو الإسرائيلي”. الشرع لم يصدق ذلك، وحسب الاقتباس في “الاخبار” فقد أوضح لميقاتي بأنه “طالما أنكم تخشون من الحرب الاهلية فأنتم لن تتمكنوا في أي يوم من بناء دولة”. هذا الفهم يسري ليس فقط على سوريا ولبنان والعراق، الذي حدثت فيه حرب أهلية طويلة وحتى الآن لم تحقق الاستقرار الكامل، بل هو يمكن أن يسري أيضا على غزة أيضا لو أن ترامب بدلا من السراب الذي يعرضه على سكان غزة وعلى إسرائيل كحل لقضية السيطرة في غزة، عاد الى طاولة الرسم وفحص خيار سيطرة السلطة الفلسطينية في القطاع.
خلافا لهيئة تحرير الشام فانه فقط في إسرائيل السلطة الفلسطينية يتم وصفها كمنظمة إرهابية. ومحمود عباس الذي لم يخش مواجهة عنيفة مع حماس ما زال يريد ومستعد لتحمل المسؤولية عن إدارة القطاع مدنيا. الآن حسب اتفاق وقف اطلاق النار فان ممثلي السلطة سيكونون شركاء في إدارة الطرف الغزي لمعبر رفح، حتى لو كان هذا الامر لا يقال بشكل رسمي وعلني.
في الواقع لا يوجد لعباس جيش يمكنه مواجهة رجال حماس، لكن دول عربية مثل دولة الامارات عبرت في السابق عن الاستعداد لارسال قوات الى القطاع للمساعدة في ادارته، والولايات المتحدة (في ولاية الرئيس جو بايدن) وافقت على تدريب قوات شرطة فلسطينية، التي ستعمل في غزة تحت امرة السلطة. إضافة الى ذلك يمكن التقدير بأنه مع عباس فان إسرائيل تستطيع إبقاء قوات في غزة في اطار نفس التنسيق الأمني مع السلطة مثلما في الضفة، وأن تأخذ لنفسها حرية عمل بالضبط مثلما تفعل الآن في جنين، نابلس والخليل، أو مثلما هي توجد – تحتل في سوريا بموافقة صامتة من الشرع.
الى جانب ذلك، مثلما لسوريا أيضا سيتم ضمان لغزة غلاف من المساعدات وإعادة الاعمار، الذي سيكون شرطه سيطرة السلطة على القطاع. ترامب ماسور بالسحر العبثي الذي طرحه “خارج الصندوق” وإسرائيل لا تكاد تصدق نفسها من كثرة السرور من الخدعة التي استلها الساحر من القبعة. ولكن الرئيس الأمريكي يسمع الان الرسائل التي تصل اليه من الدول العربية، لا سيما السعودية، مصر، الامارات، قطر والأردن، التي كما هو متوقع تقف على ارجلها الخلفية بعناد امام تهديد ترحيل الفلسطينيين من غزة الذي طرحه. ادارته بدأت في تحسين صياغته ووضع الأمور في نصابها.
الجيش الأمريكي لن يعمل في غزة، ودافعي الضرائب لن يتحملوا عبء تسوية ملاعب الغولف في القطاع. ترامب ومساعديه الذين في الوقت الحالي يجرون محاولات اقناع مع زعماء دول عربية، يتوقع أن يلتقوا في القريب مع الخطة التي وضعت على طاولة بايدن والتي تطالب بأن يتم إعطاء السلطة الفلسطينية صلاحية السيطرة في القطاع، بدون هجرة قسرية وبدون “تسوية مناطق”. يجدر بإسرائيل ان تعد نفسها أيضا لامكانية أن يعيد ترامب التدقيق في خطته كما فعل في السابق.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-02-07 17:05:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>