لهذه الاسباب يخفي كيان الاحتلال المعلومات عن إعلامه
ففي هذه الحرب حرصت “إسرائيل” على إخراس الأصوات التي تكشف حقيقة “الإبادة الجماعية” في غزة، فقتلت 175 صحفيًا فلسطينيًا، واعتقلت 32 آخرين، وأغلقت مكاتب عدد من وسائل الإعلام العربية، ومنعت طواقمها من العمل في غزة وفعلت الأمر نفسه حتى مع المحليين الإسرائيليين أنفسهم، سواء الذين يظهرون في قنواتها الفضائية، أو يكتبون مقالات وأعمدة وتقارير وتحليلات في الصحف.
ثم مدت يد الرقابة العسكرية حتى على المستوطنين أنفسهم، ممن كانوا يرفعون بهواتفهم الذكية مقاطع على شبكة الإنترنت، يصحبها أحيانًا تعليق أو تعبير صوتي عن أي خسائر تقع داخل الاراضي المحتلة جراء صواريخ المقاومة الفلسطينية وحزب الله.
التشديد في الرقابة خلال العدوان الحالي
لا وجه للمقارنة بين تعامل الإعلام الإسرائيلي مع العدوان الراهن إن قسناه بما كان عليه وقت العدوان على غزة عام 2021 أو على حزب الله عام 2006، فخلال هاذين العدوانين كان الإعلام العبري، أو الصادر باللغة الإنجليزية من قلب تل أبيب، مصدر أخبار ومعلومات مهمة ترشح من آن لآخر، ترسم ملامح الموقف، وتفضح تقصير الحكومة، وتمتد لتبين المشكلات التي تصيب العمليات التي يقوم بها جيش الاحتلال.
في العدوان الحالي، سواء حيال غزة أو لبنان، تم تشديد قبضة الرقابة الحكومية والعسكرية على الإعلام، لتحقيق عدة أهداف، هي:
– إخفاء الخسائر العسكرية: تسعى “إسرائيل” إلى إخفاء الخسائر التي تصيب جيشها، سواء خلال هجومه البري على غزة، ثم تمركزه في محاور داخل القطاع، أو جراء الصواريخ التي أطلقت على الداخل من جبهتَي غزة ولبنان. الهدف هو تقليل الانتقادات الداخلية، سواء تجاه الجيش أو الحكومة التي تدير الحرب، خاصة مع استمرارها في العمليات العسكرية رغم الأصوات الداخلية والخارجية التي تحذر من هذا، وتدعو إلى عدم توسيع رقعة المعركة.
– الحفاظ على صورة “الجيش الذي لا يُقهر”: تحاول إسرائيل إبقاء صورة جيشها تحت اللافتة التي رفعتها طويلًا على أنه “الجيش الذي لا يُقهر”، في عيون المستثمرين فيه والرهانات الغربية عليه، إذ يعد جيش الاحتلال نقطة ارتكاز لكيان يعد رأس حربة عسكرية وأمنية للمشروع الغربي في الشرق الأوسط.
– تقليل الهلع داخل الجبهة الداخلية:” يسعى التعتيم الإعلامي إلى الحد من مستوى الهلع في المجتمع الإسرائيلي، الذي يعاني من نزوح المستوطنين من الأماكن الواقعة في مرمى الصواريخ القادمة من غزة أو جنوب لبنان، ما يشكل ضغطًا متزايدًا على الحكومة في تل أبيب”.
– إخفاء الجرائم المرتكبة ضد المدنيين: “تهدف إسرائيل إلى إخفاء أو التقليل من الجرائم التي يرتكبها جيشها في غزة ولبنان، سواء بقتل المدنيين أو تدمير البنى التحتية، بغية تخفيض درجة الانتقادات الدولية، حتى من قبل مناصريها، في ظل الأضرار التي أصابت صورتها أمام الرأي العام العالمي”.
– حرمان المقاومة من المعلومات: “يمنع التعتيم الإعلامي المقاومة من الحصول على معلومات تتعلّق بضعف الجيش الإسرائيلي أو تخبّطه، ما قد يرفع معنويات مقاتليها، ويعزّز ثقة الحواضن الاجتماعية بهم”.
إسرائيل والحرب الإعلامية
ومارست اسرائيل في حروبها قاعدة،”تحديد الحقيقة”، لكنها لم تشدد الرقابة من قبل بهذه الصرامة.
فقد كانت تفتح مساحة للتعبير لتحقيق بعض الأهداف، مثل فرض معادلة الردع على الخصوم، وممارسة الحرب النفسية عليهم، وإشراك الداخل في متابعة المعركة، خاصة أن الجيش الإسرائيلي يعتمد كثيرًا على قوة الاحتياط، ويعبِّئ موارد كيان كاملة حول العسكريين في الحروب.
لكن هذه المرة، فُرض التعتيم الإعلامي الشديد لعاملين أساسيين:
– طول أمد الحرب: “إسرائيل لم تعتد خوض حروب طويلة، إذ تميل عادة إلى الحروب الخاطفة. لكن هذه المرة، وجدت نفسها في حرب استنزاف طويلة في غزة، وقد يتكرر الأمر في لبنان. هذه الخسائر المستمرة تجعل الحقيقة ضاغطة على أعصاب الجيش والمستوطنين معًا، وقبلهما حكومة نتنياهو”.
– قدرة المقاومة على إيذاء “إسرائيل”: “هذه الحرب تميزت بقدرة المقاومة في غزة ولبنان على نقل المعركة إلى داخل الاراضي المحتلة، عبر الصواريخ والمسيرات، ما كسر قاعدة “الحرب خارج الحدود” أو “الحدود الآمنة” التي عاشت تل أبيب في ظلّها لعقود”.
لكن هذا التعتيم، وبمفهوم المخالفة، يُظهر صعوبة الحرب التي تخوضها “إسرائيل” حاليًا، وهي مسألة ليست خافية على المقاومة، ولا المحللين العسكريين والسياسيين، وربما يزاح الستار يومًا عما تم إخفاؤه، حين تضع الحرب أوزارها، ويبدأ الحساب.
عمار علي حسن – شهاب
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.alalam.ir
بتاريخ:2024-10-15 16:10:00
الكاتب:
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO