ما هو أخطر عقار في العالم؟

ما هو أخطر عقار في العالم؟ يبدو السؤال سهلًا، إلا أن الإجابة أعمق من ذلك. تبين للعلماء أن مدى خطورة عقار ما يعتمد على عدد من العوامل، تتراوح من الخطر الفردي للدواء إلى خطره على المجتمع، ولإدراك الجسم للمادة وتفاعله معها دور كبير أيضًا.
كيف يحدد المرء كون مادة ما خطيرة بالفعل؟
عام 2010 نُشرت ورقة بحثية، ذاع صيتها لاحقًا، فصّل الباحثون فيها تحليلهم العلمي لمخاطر الأدوية المنتشرة في المملكة المتحدة، منها الأدوية القانونية وغير القانونية أيضًا. اختار فريق البحث 16 معيارًا للخطر، قُسمت بحسب تأثيرات الدواء المباشرة والفردية المعنية بكل مستخدم على حدة.
قد يتمثل التأثير المباشر لعقار ما على الشخص بالموت نتيجة تناول جرعة مفرطة مثلًا. بالمقابل يفسر التأثير غير المباشر للدواء بتسببه –مثلًا- بإصابة المستخدم بفيروس عوز المناعة البشري نتيجة استخدام محاقن ملوثة. أخذ الباحثون في الحسبان تأثيرات كل دواء على المستخدمين الآخرين وعلى المجتمع الأوسع.
تضمنت قائمة المعايير أيضًا احتمالية الوفاة، والاعتمادية والإدمان، واضطراب الوظيفة العقلية، وغياب بعض الأمور الملموسة الاجتماعية والاقتصادية للمستهلك مثل الوظيفة أو المنزل، والإصابة الجسدية، والأنشطة الإجرامية. إضافةً إلى التكاليف الاقتصادية التي يسببها الدواء ومضاره العالمية، من نواحي عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
«صنف فريقنا 20 دواءًا مختلفًا، بناءًا على 16 معيارًا للأذى، وهو أفضل أسلوب بحثي استخدمناه حتى الآن». يمكن بمعنى أعم تقسيم التأثيرات الضارة للأدوية إلى فئتين أساسيتين: أذية الدواء للمستخدم وأذيته للآخرين.
قيّم فريق البحث كل تأثير من حيث الأهمية، إذ تعد بعض التأثيرات أهم من غيرها، رغم اختلافها بين مستخدم وآخر. «يتفق معظم الباحثين على أسلوب التقسيم، لكن يتمثل السؤال الأساسي في مدى اهتمام فريق البحث بدراسة كل من المعايير السابقة، وهنا تؤدي التقييمات دورها المهم. فقد يتغير تقييم المعايير بناء على رأي أعضاء الفريق».
في دراسة لاحقة في بريطانيا، سلط الباحثون أهمية أكبر على الضرر الاقتصادي، مقابل الدراسة الأوروبية التي تعد الأذى الشخصي أهم.
وفاة كل عشر ثوان!
بعد أخذ جميع المعايير السابقة في الحسبان، يأتي السؤال: ما الأدوية التي تُعد أخطر؟
يحل الكحول، نظرًا إلى الضرر الذي يسببه للآخرين وللاقتصاد بالكامل، في المرتبة الأولى بين أخطر المواد. يليه الهيروين والكوكايين، لأضرارهما على صحة المستخدمين، إضافةً إلى التأثير في الآخرين والوسط المحيط. جاء التبغ في المرتبة السادسة بعد الكوكايين. جاء القنب في المرتبة الثامنة، ثم الإكستاسي وعقار (LSD).
تشابهت نتائج الدراستين بدرجة كبيرة، رغم اختلاف التقييمات التي اتبعها الفريق الأوروبي، إضافةً إلى تحقيق كلا الدراستين مستويات عالية من الاتفاق والترابط. لاحظ الفريقان وجود اختلاف طفيف فقط في مرتبة كل من مادتي الميثامفيتامين والإكستاسي في القائمة.
«أعاد فريق البحث الأوروبي إجراء الدراسة السابقة على مجال أوسع، لتتجاوز نطاق المملكة المتحدة، فيما عدا ذلك اتفق باحثو الدراستين بدرجة كبيرة».
اتفق الباحثون على أن الكحول هو الأخطر، وفسروا ذلك بدوره في التسبب بمجموعة كبيرة من الأمراض، من أمراض الجهاز القلبي الوعائي والاضطرابات العصبية إلى تنكس الكبد. يؤدي الكحول أيضًا بتأثير غير مباشر إلى نسبة كبيرة من حوادث السير، وزيادة الأنشطة غير الأخلاقية، التي ترفع بدورها من خطر إصابة الشخص بمجموعة كبيرة من العوامل الممرضة. يؤذي الكحول أيضًا اقتصاد الدول أذىً كبيرًا، نظرًا إلى المبالغ التي تنفقها على علاج الأشخاص المصابين بأمراض ناتجة من الكحول.
تقدر منظمة الصحة العالمية معدل الوفيات السنوي الناتج من الاستهلاك الضار والمفرط للكحول بنحو 3.3 مليون وفاة، ما يشكل 5.9% من مجموع الوفيات سنويًا. أي إن الكحول يسبب وفاة شخص كل 10 ثوان!
اختلاف في وجهات النظر:
يُعد سؤال أخطر عقار في العالم حافلًا بتاريخ سياسي واجتماعي معقد للغاية، يعتقد كثير من الناس أن الأدوية غير القانونية أخطر من الأدوية القانونية. تُعد الحالة القانونية للأدوية أمرًا تعسفيًا إلى حد ما، إذ حددته عدة دول قديمًا من خلال مراوغات تاريخية.
مثلًا، استُخدم الهيروين اعتياديًا في المملكة المتحدة، إذ اعتادت خدمة الصحة الوطنية العامة وصف كميات صغيرة منه لمدمني الهيروين لمساعدتهم على الإقلاع عن استخدامه.
يُعد استهلاك القنب مُجرّمًا في أغلب المدن الأمريكية. تنفق الولايات المتحدة 20 مليار دولار سنويًا لفرض تجريم القنب، مع أن خطورته لا تُذكر مقارنةً بالكحول. يساعد تشريع القنب من ناحية أخرى الحكومة الأمريكية على جمع أرباح تقدر بالمليارات من أموال الضرائب، بالاستحواذ على العقار من متناول الجهات والمنظمات الإجرامية للاستفادة منه. يشكل القنب حال عدم تشريعه خطورة حقيقية أكبر بكثير مما قد يسببها حال تشريعه، إذ يغذي في الحالة الأولى تمويل السوق السوداء وما يترافق معها من جرائم.
تختلف العقاقير والأدوية فيما بينها:
غالبًا ما تتخذ الحكومات موقفًا متشددًا تجاه الأدوية حتى تبدو صارمة، ومن ثم تجذب الشعب لانتخابها. يساهم التصرف السابق، الذي ازداد تأثيره بمساعدة وسائل الإعلام، في جعل الناس يتبنون وجهة النظر المطلقة بأن جميع الأدوية خطيرة وضارة، وأنه يجب القضاء عليها بالكامل وإلغاء شرعيتها تمامًا. مع ذلك، تبين الأبحاث العلمية أن الأدوية ليست متساوية الخطورة والتأثير، وأن العقاقير الخطيرة بالفعل هي الأدوية التي يسهل الحصول عليها وتُعد واسعة الانتشار حقًا.
ينبغي التعامل مع مشكلة الإدمان على الأدوية بأنها مشكلة صحية لا سياسية، إذ يُنظر إلى مخاطر العقاقير تلك بوصفها تأثيرات فردية أكثر، ما يطابق منظور الدراسة الأوروبية. تتعامل الدول مع إدمان الكحول بكونه مشكلة صحية، على عكس الهيرويين مثلًا. تتمثل المشكلة الأساسية في الاستهلاك المفرط وغير القانوني للعقاقير والأدوية.
تتشابه جميع الأدوية في أنه عند استهلاكها بدرجة محددة فإنها تترافق مع نسبة خطورة حقيقية. يعني ذلك أن فكرة كون مجموعة محددة من الأدوية أخطر من غيرها لمجرد أنها غير قانونية، خالية من الصحة ولا تقوم على أي أدلة فعلية.
اقرأ أيضًا:
معدل ذكاء الشخص في المرحلة الثانوية يتنبأ بتعاطيه الكحول لاحقًا!
ماذا يفعل الكحول فعليًا في دماغك؟
ترجمة: رهف وقاف
تدقيق: وسام صايفي
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.ibelieveinsci.com
بتاريخ:2025-03-27 00:59:00
الكاتب:رهف وقاف
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>