ما هي التطورات التكنولوجية في القوات العسكرية الصينية؟
اختتمت فعاليات معرض الصين الدولي الخامس عشر للطيران والفضاء، والمعروف أيضاً باسم معرض الصين للطيران 2024، في مدينة تشوهاي، في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر من الشهر الفائت.
شهد الحدث اتفاقيات تعاون بقيمة 285.6 مليار يوان تقريباً (38.5 مليار دولار أمريكي)، على الرغم من عدم الكشف عن تفاصيل المبيعات المحلية والدولية. وشارك في المعرض الذي استمر ستة أيام ما مجموعه 1022 شركة من 47 دولة ومنطقة، وعرضوا 261 طائرة و248 نوعاً من المعدات الأرضية. واستضاف الحدث 247 مؤتمراً ومنتدى وحفل توقيع ومفاوضات تجارية. بالإضافة إلى ذلك، تم بيع 1195 طائرة خلال المعرض.
في هذا الإطار، نشر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي دراسة، ترجمها موقع الخنادق، تتحدث عن معرض الصين الدولي للطيران والفضاء، والتطورات التكنولوجيا في القوات العسكرية الصينية، والذي يعد دليلاً واضحاً على تطلع الصين إلى الريادة في مجالات الدفاع والفضاء والصناعة في القرن الحادي والعشرين.
يعتبر الكاتبان في نهاية الدراسة أن “الرسالة الرئيسية التي ينقلها المعرض هي أن الصين ليست لاعباً سلبياً في الساحة الدولية؛ بل إنها لاعب نشط واستباقي يسعى إلى إقامة نظام عالمي جديد. إن استثماراتها الكبيرة في التكنولوجيا، إلى جانب استراتيجية متطورة، تعمل على تمكين الصين من التأثير على الديناميكية العالمية عبر مختلف المجالات، من الأمن القومي إلى الاقتصاد”.
النص المترجم للمقال
كان معرض تشوهاى للطيران 2024، الحدث الدولي الرائد في مجال الطيران والفضاء، بمثابة منصة بارزة لعرض القدرات العسكرية والتكنولوجية الصينية. وقد حقق المعرض هذا العام، الذي أقيم في نوفمبر/تشرين الثاني في جنوب الصين، أرقاماً قياسية في المشاركة، حيث شارك فيه أكثر من 1000 شركة من 49 دولة، مما يؤكد طموحات الصين العالمية. وبالإضافة إلى أنظمة الأسلحة المتقدمة، مثل أسلحة الطاقة الموجهة، والروبوتات المستقلة، والطائرات الحربية الخفية، سلط الحدث الضوء على التقدم الكبير الذي أحرزته الصين في مجال الطيران المدني والفضاء، بما في ذلك طائرة الركاب C919 وبرامج أبحاث الفضاء الطموحة.
وقد أكد هذا العرض الجوي على التحديث السريع للجيش الصيني واستراتيجية دمج الجهود المدنية والعسكرية كنموذج وطني فعّال. وتواصل الصين وضع نفسها ليس فقط كقوة عسكرية متقدمة من الناحية التكنولوجية ولكن أيضاً كقائدة اقتصادية. ومن خلال توصيل رسائل حول الدفاع الإقليمي والابتكار المسؤول، تهدف الصين إلى إعادة تشكيل الإدراك العالمي وإظهار استقلالها التكنولوجي عن الغرب. ويوضح المعرض بوضوح طموح الصين في الريادة في القطاعات العسكرية والفضائية والصناعية في القرن الحادي والعشرين.
أقيم هذا العام في مدينة تشوهاى جنوب الصين معرض الصين الدولي للطيران والفضاء، والذي كان حدثاً نصف سنوي منذ عام 1996 وحدثاً سنوياً في السنوات الأخيرة. هذا المعرض هو الأكبر والأهم من نوعه في الصين وأحد أكبر المعارض على مستوى العالم. وباعتباره الحدث الوحيد من نوعه الذي وافقت عليه الحكومة المركزية الصينية، فإنه يستفيد من الدعم القوي من صناعات الفضاء والدفاع في البلاد. منذ إنشائه، تطور المعرض إلى منصة عالمية لتقديم التقنيات المبتكرة وتعزيز المشاريع التعاونية الدولية. إنه يعكس تطلعات الصين في المسرح العالمي ويوضح هيمنتها المتزايدة في مجال الفضاء والدفاع.
سجل المعرض أرقاماً قياسية جديدة هذا العام، حيث استضاف 1022 شركة من 49 دولة ومنطقة – بزيادة قدرها 38% مقارنة بحدث العام الماضي. وقد عرض تقدم الصين في القدرات العسكرية والتكنولوجية والفضائية، فضلاً عن التطبيقات المدنية المبتكرة، مع معالجة القضايا الاستراتيجية ذات الصلة بالأمن والنمو الاقتصادي العالمي. وعلى الرغم من عدم وضوح موثوقية التقارير حول الابتكارات العسكرية المختلفة في المعرض، فإن السجل يوضح أن الصين لا تبالغ عادة في عروضها.
الفئات المهمة في المعرض
التقدم العسكري الصيني – أبرز المعرض الصعود الكبير للصين كقوة عسكرية حديثة. وقد استعرض قادة الصناعة الصينية وممثلو الحكومة الإنجازات التي تحققت في الأنظمة غير المأهولة، وأسلحة الطاقة الموجهة، وتقنيات التخفي من الجيل التالي. ويعكس هذا التقدم جهوداً متضافرة للتكيف مع الاتجاهات العالمية في الحرب الحديثة مع الحفاظ على نهج صيني فريد من نوعه في الابتكار العسكري والطموح لتولي الدور القيادي فيه.
التكامل العسكري المدني ــ أكدت الرسائل الأساسية في الحدث على الدور المزدوج للجيش الصيني. فقوته لا تستخدم للدفاع الوطني فحسب، بل وأيضاً للرفاهة الاجتماعية والحفاظ على النظام في البلاد. وفي أوقات الكوارث الطبيعية، أو الأزمات الإنسانية، أو الحوادث الإرهابية، يعمل الجيش الصيني كقوة استجابة أولية ــ وهو الدور الذي اكتسب حسن النية العامة. وقد تم تصوير تكامل الموارد العسكرية والمدنية، وخاصة في الخدمات الطبية واللوجستية، فضلاً عن التطوير التكنولوجي، كنموذج للكفاءة والمسؤولية الاجتماعية. ويعزز هذا السرد المزدوج الغرض فكرة أن الجيش جزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية الصينية، ويسد الفجوة بين مسؤولياته الدفاعية ومساهمته في الرفاهة العامة، ويسلط الضوء على دوره كأداة رئيسية للنظام في الحفاظ على النظام الحكومي.
التأثير على المفاهيم العالمية – استخدمت الصين أيضاً المعرض كمنصة لمعالجة الشكوك الغربية بشأن نواياها. وقد صاغ المعرض التوسع العسكري الصيني باعتباره يركز على الدفاع عن السيادة الوطنية للبلاد والمساهمة في الاستقرار الإقليمي، وليس السعي إلى الهيمنة العالمية. وأكد الموضوع الصيني الرسمي على صورة البلاد كدولة مسالمة مدفوعة بالابتكار في إطار نظام عالمي معقد، مع تسليط الضوء أيضاً على علاقات الصين مع الجنوب العالمي، بما في ذلك التعاون العسكري المحتمل. سعى هذا الخطاب إلى وضع الصين كلاعب عالمي مسؤول حريص على التعاون مع الدول الأجنبية، مع رفض تصوير نموها على أنه تهديد متزايد للأمن العالمي.
المساهمات الاقتصادية لصناعتي الطيران والدفاع ــ كان التأثير الاقتصادي لصناعة الطيران والفضاء الصينية موضوعاً بالغ الأهمية. وبفضل الاستثمارات في البحث والتطوير، أصبح هذا القطاع محركاً للنمو الوطني ونموذجاً للقدرات التكنولوجية الصينية. ويمثل هذا التطور، الذي يعكس التطلعات الصينية لتحدي عمالقة الطيران الغربيين مثل بوينج وإيرباص، معلماً مهماً في التقدم الصناعي في البلاد.
ما تم عرضه خلال المعرض
ومن بين الأنظمة العسكرية المتقدمة التي تم عرضها:
– أنظمة الأسلحة الموجهة بالطاقة – يمكن لنظام اتش بي ام 3000، الذي يعتمد على إشعاع الميكروويف عالي الكثافة، التشويش على الطائرات بدون طيار وأنظمة الاتصالات والرادار. تمنح هذه التكنولوجيا الصين ميزة كبيرة في الحرب الإلكترونية، مما يسمح لها بتحييد التهديدات الجوية بشكل فعال. كما تم عرض نظام فك-4000 لمدى يصل إلى ثلاث كيلومترات، والذي تم تصميمه في المقام الأول ضد الطائرات بدون طيار، بما في ذلك الأنواع متعددة الدوارات. تعمل الدول الغربية على تطوير أنظمة مماثلة، لكن الصين أظهرت تقدماً كبيراً في هذا المجال.
– الأنظمة المستقلة – يمكن للروبوت المستقل “الذئب”، المزود بأجهزة استشعار مختلفة وكاميرات حرارية وأنظمة أسلحة متقدمة، أن يقوم بمهام الدورية والهجوم والتدمير بشكل مستقل. يجسد هذا الروبوت تكامل الذكاء الاصطناعي والروبوتات وأنظمة الأسلحة، مما يضع الصين في طليعة تطوير أنظمة الأسلحة المستقلة. كما تضمن المعرض أنظمة بحرية وجوية مستقلة، بما في ذلك السفن والطائرات بدون طيار التي يمكنها إطلاق وحمل أسلحة أصغر بشكل مستقل. تعمل الدول الغربية على تطوير أنظمة مماثلة، لكن الصين أظهرت قدرات متقدمة في هذا المجال.
– الطائرات بدون طيار المتقدمة – تمثل الطائرات بدون طيار التي تستخدم في الهجمات الانتحارية بعيدة المدى والقادرة على حمل حمولات ثقيلة تحولاً مفاهيمياً في الحرب الحديثة، استناداً إلى قوات جوية أصغر وأكثر مرونة. يمكن لهذه الطائرات بدون طيار ضرب أهداف محددة بدقة كبيرة، مما يشكل تهديداً كبيراً لأنظمة الدفاع الجوي. وبينما تعمل العديد من البلدان على تطوير طائرات بدون طيار مماثلة، عرضت الصين مجموعة واسعة من المنصات والأسلحة المدمجة فيها.
– الطائرات الحربية المتقدمة – تم الكشف عن النسخة الجديدة ذات المقعدين من طائرة الشبح الصينية الشهيرة J-20S، إلى جانب طائرة الشبح J-35A، والتي يبدو أنها مخصصة للتصدير (لم يتم عرض طراز آخر مخصص لحاملات الطائرات). تتميز ي-35، التي تنافس بشكل مباشر الطائرة الأمريكية إف-35 والروسية سو-57، بأنظمة إلكترونية متقدمة ومحركات قوية وقدرات خفية. تضع هذه الطائرة الصين في طليعة تطوير طائرات حربية 5ز، مما يمكّن البلاد من المنافسة في أسواق كانت مغلقة أمامها سابقاً. تشمل العملاء المحتملين في الشرق الأوسط المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وحتى مصر.
– التقنيات التجريبية ــ يشير عرض الطائرات العسكرية ثلاثية الأجنحة إلى نهج مبتكر يهدف إلى تطوير طائرات حربية تتمتع بقدرة غير عادية على المناورة والقدرة على حمل حمولات ثقيلة. ومن المرجح أن تعمل هذه التقنيات على تحويل الحرب الجوية في المستقبل وتزويد الصين بميزة تكنولوجية كبيرة.
الابتكار في مجال الطيران والفضاء
بالإضافة إلى الأنظمة العسكرية المتقدمة، عرض معرض تشوهاى الجوي لعام 2024 تطلعات الصين المدنية والفضائية. وتم التأكيد على التقدم التكنولوجي المذهل الذي أحرزته البلاد في هذه المجالات، مما يشير إلى خططها لتصبح لاعباً رئيسياً في صناعات الطيران والفضاء العالمية. وشملت المشاريع البارزة التي عُرضت في المعرض ما يلي:
– طائرة الركاب C919 — يمثل تطوير طائرة الركاب C919 من قبل شركة الطائرات التجارية الصينية (كوماك) إنجازاً مهماً في صناعة الطيران المدني في الصين. هذه الطائرة، التي تنافس بشكل مباشر النماذج التي تنتجها شركتا بوينج وإيرباص، مجهزة بتقنيات وأنظمة طيران متطورة. إنها تشير إلى هدف الصين المتمثل في تقليل اعتمادها على الموردين الغربيين والتحول إلى لاعب رئيسي في سوق الطيران التجاري العالمي، على الرغم من أن الطائرة تدمج أيضاً تقنيات بالغة الأهمية من الغرب.
– استكشاف الفضاء ــ يعكس نموذج مكوك الفضاء المعروض في المعرض الاستثمارات المتزايدة التي تقوم بها الصين في برنامج المركبات الفضائية المأهولة، إلى جانب طموحها لتحقيق تقدم كبير في استكشاف الفضاء، مثل تحديث محطتها الفضائية، وبناء محطات إضافية وأكثر تعقيداً، وتنفيذ مهام بحثية علمية في الفضاء الخارجي (والتي يعتقد الغرب أنها قد تكون لها أيضاً آثار عسكرية محتملة).
– السيارات الطائرة – إن السيارة الطائرة التي طورتها شركةاكسبينج، والتي تعتمد على تقنيات البطاريات المتقدمة والمحركات الكهربائية وأنظمة الملاحة المستقلة، توضح إمكانات الصين في ابتكار حلول نقل مبتكرة وفعالة. ومن المرجح أن تعمل هذه التقنيات في المستقبل القريب على تحويل النقل الحضري.
قوة الصناعة العسكرية الصينية
وبالإضافة إلى أنظمة الأسلحة المتقدمة، عرض المعرض أيضاً العديد من المعدات العسكرية التقليدية، مما يسلط الضوء على القدرات الصناعية الهائلة التي تمتلكها الصين. ولعبت شركة شركة مجموعة شمال الصين للصناعات (نورينكو)، وهي شركة رائدة في صناعة الدفاع الصينية، دوراً رئيسياً في المعرض، حيث عرضت مجموعة واسعة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة والمدفعية ذاتية الدفع وأنظمة الدفاع الجوي، والتي جزء كبير منها غير مأهول. تم تجهيز هذه الأنظمة بتقنيات متقدمة مثل أنظمة التحكم في النيران الآلية والدروع المحسنة وأجهزة الاستشعار المتطورة، مما يدل على قدرة الصين على إنتاج أنظمة أسلحة حديثة يمكنها التنافس مع الأنظمة الغربية.
خاتمة
لقد قدم معرض تشوهاى الجوي لعام 2024 رؤية واضحة للاستراتيجية العسكرية والتكنولوجية للصين. فبالإضافة إلى عرض الابتكارات التكنولوجية، عمل المعرض كمنصة لإعلان طموحات الصين العالمية وتصميمها على إعادة تشكيل النظام العالمي. والعواقب الاستراتيجية للمعرض شاملة:
– التحديث العسكري المتسارع – إن التركيز على الأنظمة غير المأهولة، وأنظمة الأسلحة الموجهة بالطاقة، والمنصات الشبحية يوضح التزاماً قوياً بتطوير القدرات العسكرية للصين والاستعداد لمجموعة واسعة من سيناريوهات الصراع.
– الاستقلال التكنولوجي ــ تؤكد طائرة الركاب سي 919 والاستثمارات الصينية في مجال الفضاء والطيران عزم الصين على تقليص اعتمادها على التكنولوجيا الغربية. وهذا من شأنه أن يعزز مكانتها على المسرح العالمي ويقلل من تعرضها للعقوبات من جانب بلدان أخرى.
– توسيع نطاق نفوذ الصين – تعكس الاستثمارات في تكنولوجيات الفضاء والطيران طموحات الصين لتوسيع نطاق نفوذها إلى الفضاء الخارجي والتنافس مع الولايات المتحدة على الهيمنة في هذا المجال الاستراتيجي الحاسم في القرن الحادي والعشرين.
الرسالة الرئيسية التي ينقلها المعرض هي أن الصين ليست لاعباً سلبياً في الساحة الدولية؛ بل إنها لاعب نشط واستباقي يسعى إلى إقامة نظام عالمي جديد. إن استثماراتها الكبيرة في التكنولوجيا، إلى جانب استراتيجية متطورة، تعمل على تمكين الصين من التأثير على الديناميكية العالمية عبر مختلف المجالات، من الأمن القومي إلى الاقتصاد.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :alkhanadeq.org.lb
بتاريخ:
الكاتب:
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>