محاولة إغتيال ترامب.. شيء من فائض الإرهاب الأمريكي
في تصفح سريع للتاريخ الامريكي، سيتأكد لنا ان اي بلد في العالم لم يشهد اعمال عنف واغتيالات لرؤسائه في العالم مثل امريكا. واللافت ان هذا العنف والتطرف والارهاب لم يكن يوما مصدره خارجيا، فهو صناعة امريكية بإمتياز، فقد تعرض معظم رؤساء امريكا لمحاولات اغتيال، أربعة منهم قتلوا، وآخرون نجوا وأصيبوا إصابات غير مميتة، وقسم آخر كشفت وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي أي) مخططات اغتيالهم وأوقفتها قبل تنفيذها.
اول رئيس امريكي تم اغتياله هو الرئيس السادس عشر أبراهام لينكون، في عام 1865 ، وكان قاتله جون ويلكز بوث. وفي عام 1881 قتل تشارلز يوليوس غيتو، الرئيس الامريكي العشرين جيمس غارفيلد. اما الرئيس الخامس والعشرون وليام ماكينلي، فقُتل عام 1901 عل يد ليون كولغوش. وفي عام 1963 قُتل الرئيس الامريكي الخامس والثلاثون جون كينيدي على يد لي هارفي أوزوالد.
اما الرؤساء الذين تعرضوا لمحاولات اغتيال فاشلة فحدث ولا حرج، فالرئيس السابع أندرو جاكسون، فتعرض لمحاولة اغتيال عام 1835، واتهم جاكسون معارضين سياسيين له بالوقوف وراء هذه المحاولة. وفي عام 1912 تعرض الرئيس السادس والعشرين ثيودور روزفلت لمحاولة اغتيال على يد جون شرانك، الذي اتهم بانه مختل عقليا!.اما الرئيس الثاني والثلاثون فرانكلين روزفلت، فتعرض عام 1933 لعملية اغتيال على يد جوزيبي زانجارا. اما الرئيس الثالث والثلاثون هاري ترومان، فتعرض ايضا لمحاولة اغتيال عام 1950 على يد أوسكار كالازو. كما تعرض الرئيس السابع والثلاثين ريتشارد نيكسون لمحاولتي اغتيال عامي 1972 و 1974. كما تعرض الرئيس الثامن والثلاثون جيرالد فورد لمحاولتي اغتيال بفارق اسابيع، الاولى عام 1975 الاولى على يد لينيت فروم، والثانية نفذتها سارة جين مور. اما الرئيس التاسع والثلاثون جيمي كارتر، فتعرض لمحاولتي اغتيال، الأولى عام 1979 على يد ريموند هارفي، والمحاولة الثانية على يد جون هينكلي عام 1980. فيما الرئيس الأربعون رونالد ريغان، فتعرض لمحاولة اغتيال عام 1981 على يد الشاب نفسه هينكلي الذي حاول اغتيال كارتر قبله، لكنه نجا من محاولة الاغتيال وخرج منها بجروح بسيطة. الرئيس الثاني والأربعون بيل كلينتون، تعرض لعدة محاولات اغتيال، ثلاثة منها عام 1994، الأولى على يد رونالد جين باربور، والثانية على يد فرانك يوجين كودور، والثالثة على يد فرانسيسكو مارتن دوران. اما الرئيس الرابع والأربعون باراك أوباما، فتعرض لعدة محاولات اغتيال، أشهرها عام 2011 على يد أوسكار هيرنانديز. واخر محاولات الاغتيال كانت من نصيب الرئيس الخامس والأربعين دونالد ترامب، بعد ان تعرض لعدة محاولات اغتيال واحدة منها في 2016، واثنتان في 2017، واخرها ما حدث بالامس على يد توماس ماثيو كروكس.
هناك استثناءان وحيدان بين كل حفلات العنف الامريكي التي ذكرناها، والتي كانت تقف وراءها اما الدولة العميقة، اما الجماعات والتنظيمات الارهابية واليمنية المتطرفة الامريكية، وهما ، محاولة اغتيال الرئيس الحادي والأربعين جورج بوش الأب، عام 1993 ، حيث اتهمت امريكا مخابرات النظام الصدامي بالوقوف وراء محاولة اغتيال بوش الاب خلال زيارته للكويت. والاستثناء الثاني، هو محاولة اغتيال الرئيس الثالث والأربعين جورج بوش الابن، عام 2006 بينما كان في زيرة لجورجيا، على يد فلاديمير أروتيونيان.
بعد هذا الجرد السريع لبعض جوانب الارهاب والعنف الامريكي، يتكشف حجم النفاق الامريكي بشأن “امريكا وديمقراطيتها وانها ليست مكانا للعنف”، فامريكا هي المكان الطبيعي والعنوان الابرز للارهاب والعنف والتطرف منذ تاسيسها على جماجم الملايين من السكنة الاصليين للقارة الامريكية، الذين ابادهم الجنس الابيض عن بكرة ابيهم، وما يشهده العالم من مآسي وويلات وحروب، ليس الا فائض الارهاب والتطرف، الذي ضاقت به امريكا ، فتمدد على العالم، باشكال واساليب مختلفة.
اما ردود الفعل الغربية على محاولة اغتيال ترامب، لم تكن هي ايضا صادقة فحسب، بل كانت منافقة، وكشفت زيف القيم الغربية، وكذلك النظرة العنصرية والاستعلائية، لهذا الغرب الى شعوب العالم، وخاصة الشعوب العربية والاسلامية، ففي الوقت يمد هذا الغرب وديمقراطياته وعلى راسها الديمقراطية الامريكية، الكيان الاسرائيلي، باسلحة فتاكة لاستخدمها في قتل اطفال ونساء غزة، واخر تلك الجرائم مذبحة منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس التي ذهبت ضيحتها 400 فلسطيني اغلبهم من الاطفال والنساء، بذريعة اغتيال قيادي في المقاومة الاسلامية، نرى رموز هذا الغرب يقيمون الدنيا ولا يقعدوها لشخص اخرق معتوه مثل ترامب، وراينا كيف اعربت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن “صدمتها الشديدة”،لان العنف وفق رايها :لا مكان له في الديمقراطية”, بينما اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون محاولة اغتيال ترامب “مأساة لديمقراطياتنا”. من جانبه، وصف المستشار الألماني أولاف شولتز إطلاق النار على الرئيس الأمريكي السابق بأنه عمل دنيء وتهديد للديمقراطية. وان قلبه مع ضحايا الهجوم”. بينما قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إنه “رُوِّع من جراء المشاهد الصادمة لمحاولى اغتيال ترامب”. بينما قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني إنها “تُتابع بقلق” صحة ترامب وتمنت ان “يسود الحوار والمسؤولية على الكراهية والعنف في الأشهر التالية من الحملة الانتخابية”. وفي كندا، قال رئيس الوزراء جاستن ترودو إن العنف السياسي “غير مقبول أبدا”.
اللافت ان كل هؤلاء لم يعربوا يوما عن قلقهم لاستشهاد وجرح اصابة اكثر من 130 الف انسان على يد الارهاب والعنف، على مدى 9 اشهر، والذي لا ترفضه ديمقراطياتهم، على ما يبدو، لان الضحية ليس ابيض او غربيا، مثل ترامب، رغم انه معروف عنه انه من اشد المدافعين عن امتلاك الأسلحة في امريكا، وتعهد في حال فوزه بالانتخابات بالتراجع عن جميع القيود التي فرضها الرئيس الحالي جو بايدن على حيازة الاسلحة.
المتباكون على ترامب والديمقراطية الامريكية،ـ من الغربيين، يعلمون جيدا، ان ترامب، هو العدو الاول للديمقراطية ، ومن اهم ملهمي الارهاب والتطرف في امريكا، وتجلى ذلك بكل وضوح عندما رفض نتائج انتخابات 2020 التي خسرها أمام جو بايدن، وتحريضه للجماعات والميليشيات اليمنية الارهابية المتطرفة، على اقتحام مبنى الكونغرس في 6 يناير/كانون الثاني 2021، وهو ما اسفر عن مقتل وجرح اعداد كبيرة من الشرطة والمهاجمين، كما قال وبصراحه انه سيرفض نتائج الانتخابات القادمة اذا لم يتم انتخابه!!.
ان محاولة اغتيال ترامب ، هي قمة الجبل الجليدي للارهاب والتطرف والعنف الامريكي، وان ترامب يجسد افضل تجسيد ، هذا الجبل الجليدي، الذي سترتطم به الولايات المتحدة عاجلا وليس آجلا، لتتفكك، كما تفكك الاتحاد السوفيتي على يد ميخائيل غورباشوف.
سعيد محمد
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.alalam.ir بتاريخ:2024-07-15 14:07:05
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي