منظومة ثاد لن تمنع الرد الإيراني الحتمي
فحضر إلى تل أبيب كل من الرئيس الأمريكي ووزيري الحرب والخارجية ومستشار الأمن القومي ورئيس الأركان وكبار الجنرالات والمسؤولين، وأعلنوا بالتتالي اصطفافهم مع حكومة نتنياهو وتقديم كل ما تطلبه لفرض هيمنتها على المنطقة كلها، وأطلقت يد تل أبيب لترسم خريطة الشرق الأوسط الجديد الموسع وفق رؤية المحافظين الجدد التي فشلوا في فرضها مع مطلع الألفية الجديدة، أي أن الأضواء الخضراء والكاشفة لم تقتصر على دفع الكيان للقضاء على حركة حماس والجهاد الإسلامي فقط، بل ولتحفيزه وتشجيعه على مهاجمة جميع أطراف محور المقاومة تنظيمات وحركات وأحزاباً وشعوباً ودولاً، ولضمان تنفيذ ذلك تم استحضار البوارج والأساطيل والمدمرات وحاملات الطائرات والغواصات وإطلاق العنان لآلة القتل والإجرام والتدمير لتفعل ما يريده النتنياهو وحكومته العنصرية الفاشية المتطرفة، كما تمت ـــ وبشكل مسبق ـــ مصادرة إرادة مجلس الأمن وفاعلية بقية المؤسسات التابعة للمنظمة الدولية، إلا أن كلُّ ذلك لم يثمر في تحقيق المطلوب، وكاد العام أن ينتهي وتل أبيب تراكم الإخفاق والفشل في تحقيق أي من الأهداف المعلنة وغير القابلة للتنفيذ، فكانت الخطوة التصعيدية التالية بتوسيع رقعة الاغتيالات، واستهدف المبنى القنصلي في السفارة الإيرانية بدمشق، وفهم من الرد الإيراني على تلك الجريمة بأنه دليل انكفاء محور المقاومة وخشيته من توسيع دائرة الحرب، فجاءت الخطوات التصعيدية التالية أكثر إجراماً ودراماتيكية، وبشكل متتال وسريع إلى أن تم اغتيال قائد حركة حماس إسماعيل هنية في طهران والقائد الجهادي المقاوم فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، وبعدها التوغل أكثر فأكثر بارتكاب مجزرتي تفجير أجهزة البيجر وأجهزة الاتصال اللا سلكي في لبنان، ومن ثم اغتيال غالبية الصف الأول من قادة المقاومة ورموزها إلى أن وصلت العربدة إلى اغتيال سيد شهداء المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله ومعه المستشار في حرس الثورة الاسلامية الشهيد اللواء عباس نيلفروشان في 27/9/2024م. رحمهما الله، وبدأت القرائن الدالة تزداد وتشير إلى تدحرج الأمور نحو اللاعودة، فكان لابد من الرد ووضع حد للغطرسة الصهيو ــ أمريكية، وفي صبيحة الأول تشرين الأول جاءت عملية الوعد الصادق2، وأطلقت إيران قرابة مئتي صاروخ وصلت غالبيتها إلى داخل الكيان المؤقت، وأرغمت نتنياهو على ابتلاع مرارة الصفعة، مع الاحتفاظ برفع سقف التهديدات بالرد الذي لم يحصل حتى تاريخه، ومن الطبيعي أن تعلن واشنطن وقوفها مع الوحش الإسرائيلي المسعور، وهذا ما أكده الرئيس بايدن وبقية مسؤولي إدارته، وصدرت الأوامر بتعزيز الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، وأخيراً تم الإعلان عن نصب أحدث منظومة للدفاع الجوي الأمريكي (THAAD) داخل الكيان الصهيوني للتصدي للصواريخ الإيرانية، بعد أن أكدت طهران بوضوح حتمية الرد المؤلم على أي عدوان إسرائيلي محتمل لاستهداف المنشآت الإيرانية، وهذ ما جاء على لسان قائد حرس الثورة الإسلامية اللواء حسين سلامي في كلمة ألقاها وخلال مراسم تشييع جثمان الشهيد عباس نيلفروشان في مدينة أصفهان وسط ايران، حيث قال: “إيران ستوجه ضربة قاسية ومؤلمة للعدو في مواقعه اذا استهدف الأراضي أو القادة أو المصالح الإيرانية، محذراً العدو من أي حماقة جديدة” وأشار في حديثه إلى “أن عملية الوعد الصادق اثنين كانت تحذيراً فقط ونموذجاً مصغراً لما تستطيع إيران إنجازه بما لديها من قوة”.
تزويد الكيان بمنظومة (THAAD) والتداعيات المحتملة:
الكيان الصهيوني بكليته ترسانة للأسلحة الفتاكة بكل أنواعها، والإعلان عن نصب بطارية “THAAD” في “إسرائيل” لا يغير من معالم اللوحة العامة التي تحكم المواجهة المفتوحة على شتى الصعد، أي أن الدور الذي ستضيفه هذه المنظومة عسكرياً لا يرقى إلى مستوى ما يتم ترويجه إعلامياً، ومن المفيد الإشارة إلى عدد من النقاط التي قد تساعد في توضيح الصورة العامة، ومنها:
- الإعلان الرسمي عن تزويد الكيان ببطارية صواريخ دفاع جوي من منظومة (THAAD) يعني قبل كل شيء اليقين الإسرائيلي الأمريكي المشترك بعجز ما لدى الكيان من منظومات أخرى عن التصدي للصواريخ الإيرانية في حال أقدمت تل أبيب على استهداف الداخل الإيراني، وهذا يعني كذب كل السردية السابقة التي حاولوا تعميمها للتقليل من حجم الخسائر التي خلفتها عملية الوعد الصادق2، على الرغم من ترسانة منظومات الدفاع الجول لدى الكيان والتي تشمل: / القبة الحديدية ـــ مقلاع داوود ـــ منظومة “آرو” بنماذجها الثلاثة المعتمدة: 1،2،3 ــــ منظومة باراك 8 الخاصة باعتراض الصواريخ المضادة للسفن والطائرات وصواريخ الكروز…الخ./ فإذا كان تم تدمير غالبية الصواريخ الإيرانية التي انطلقت ـــ وفق البربوغاندا الإسرائيلية ـــ فما الحاجة للإسراع بإرسال بطارية لا تمتلك القوات المسلحة الأمريكية منها إلا عدداً قليلاً، ويستغرق إنتاج صواريخها قرابة العام وفق بعض الوثائق المنشورة عن هذه المنظومة؟
- القلق والاضطراب وتناقض السرديات المعتمدة رسمياً يعني التشكيك الذاتي والمسبق بنجاح التصدي لأي هجوم إيراني قادم في حال الرد الإسرائيلي على الوعد الصادق2، وحقيقة هناك ما يبرر هذا الشك، ويدفع المسؤولين العسكريين والسياسيين لإعادة الحسابات، في ظل تكرار الفشل أكثر من مرة في التصدي لصواريخ ومسيرات وصلت إلى قلب تل أبيب ومن أكثر من جبهة، فاليمنيون سبق وأن نجحوا في إيصال الطائرة المسيرة “يافا” والصاروخ فرط الصوتي “فلسطين2” إلى الأهداف المحددة والمنتقاة بعناية، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالمقاومة العراقية التي استهدفت ميناء أم الرشراش في الجنوب والعديد من المواقع في الجولان المحتل أكثر من مرة، وستبقى العملية المركبة التي نفذها حزب الله ليلة الأحد 13/10/2024م. واستهدف بها مركز التأهيل والتدريب التابع للواء غولاني جنوبي حيفا خير شاهد على عجز الكيان ومن يدعمه عن اعتراض صواريخ ومسيرات أقل كفاءة قتالية من الصواريخ النوعية المكدسة لدى الدولة الإيرانية.
- تأخر الكيان المؤقت في الرد على الرد الإيراني المؤلم يعني الخوف والقلق من النتائج المترتبة، وللتغطية على ذلك جاءت مبادرة الإدارة الأمريكية بإرسال هذه البطارية بناء على قرار بايدن شخصياً ومتابعة الأمر من وزير الدفاع أوستن أي أن الحرب الدائرة أمريكية الطابع والهوية، والكيان إحدى أدوات التنفيذ، لا بل قد توحي الخطوة المتخذة بأن المجنون نتنياهو متردد، وإرسال البطارية تحفيز له ودفع مباشر للإسراع في اتخاذ القرار بمهاجمة الداخل الإيراني، فضلاً عن أن إرسال طاقم التشغيل إثبات عملي على المشاركة الأمريكية الفعلية الكاملة في هذه الحرب وما قد تؤول إليه التداعيات المحتملة في الأيام القادمة، أي أن امريكا هي التي تقود الحرب وتتدخل في أدق تفاصيلها، وتدفع نتنياهو لمواصلة جرائمه ضد دول المنطقة وشعوبها، وليس العكس كما تدعي واشنطن، ويتشدق مسؤولوها بأنهم يضغطون على نتنياهو وحكومته كيلا تتوسع الحرب، فالجميع يعلم أن الكيان عاجز عن الاستمرار بمثل هذه الحرب التدميرية لشهر واحد لولا الدعم اللامحدود الذي تقدمه الإدارة الأمريكية.
- دخل نظام “THAAD” الخدمة منذ خمسة عشر عاماً، وهو مخصص لاكتشاف وتصنيف وتتبع واعتراض الصواريخ الباليستية بعيدة المدى وعالية الارتفاع جدًا، وهو أكثر أنظمة الدفاع الجوي تطوراً، ويعتبر مكملاً لنظام “باتريوت” مع توفير حماية لمساحة أوسع، إذ يمكنه اعتراض أهداف على مسافات أبعد، وتضم كل منظومة ست منصات، تحمل كل منها ثمانية صواريخ، ومن المهم التذكير بأنها ليست المرة الأولى التي تنصب هذه المنظومة في الداخل الإسرائيلي، فقد سبق لواشنطن أن أرسلت المنظومة في عام 2019، وكذلك بعد مرور أسابيع قليلة على عملية طوفان الأقصى، إضافة إلى وجود بطاريات أخرى من المنظومة نفسها لدى بعض دول المنطقة، ومع ذلك فشلت أكثر من مرة في ضمان حماية المنطقة المشمولة بالتغطية لكل بطارية.
- منذ العام 2017 تم العمل على إنشاء قاعدة أمريكية داخل مدرسة الدفاع الجوي الإسرائيلي في قاعدة “بيسلاخ” الجوية الواقعة في منطقة النقب بجنوب فلسطين المحتلة لاكتشاف واعتراض الصواريخ الباليستية من مدى بعيد وعلى ارتفاعات عالية، و بعد أيام قليلة من بدء معركة طوفان الأقصى تم العمل لتطوير هذه القاعدة وتوسيعها، وهذا ما كشفه موقع “The Intercept” الأمريكي، بتاريخ 27/10/ 2023 موضحاً أن “البنتاغون” منحت عقداً بملايين الدولارات لبناء منشآت لقواتها في القاعدة السرية التي تقع في عمق صحراء النقب، وتضم أحدث التجهيزات، ومن ضمنها: رادار المراقبة المحمول” X-Band” وهو الرادار الأساسي لنظام الصواريخ الدفاعية للارتفاعات العالية “THAAD” وهذا يعني أن الضجة الإعلامية هذه الأيام المرافقة للإعلان عن نشر المنظومة في الكيان لها أهداف أخرى، وهي جزء من الحرب النفسية والحرب على الوعي لطمأنة الداخل الإسرائيلي القلق جداً والمتخوف من أن يأخذه نتنياهو إلى المجهول، فضلاً عن التهويل والتهديد لثني إيران عن ردها الحتمي، ولكن هيهات لهم أن يفلحوا في ذلك.
الموقف الإيراني وحتمية الرد:
يدرك المتابع المهتم بتطور الأحداث وتداعياتها في هذه المنطقة الجيوستراتيجية أن سياسة حياكة السجاد الإيراني تتميز بالهدوء والبصيرة والمسؤولية بآن معاً، ولعل هذا أحد أهم أسباب مراكمة أوراق القوة لدى طهران منذ فجر الثورة الإيرانية وحتى اليوم، وعندما يكون الخطاب الرسمي موحداً عند جميع المسؤولين الإيرانيين بدءاً بسماحة السيد المرشد الأعلى والقائد العام للقوات المسلحة الإيرانية مرورا بالرئيس الإيراني ورئيس مجلس الشورى وقائد الحرس الثوري ووزير الدفاع ووزير الخارجية وغيرهم فهذا يعني الاطمئنان إلى صوابية القرار، فالرد حتمي على أي اعتداء أو حماقة تقدم عليها تل أبيب، وفي هذا تحدٍ لأمريكا وللكيان معاً ولكل من يصطف معهما، ومن المفيد هنا أيضاً الإشارة إلى بعض الأفكار والعناوين التي تساهم في شرح المضمون، ومنها:
- قبل الحديث عن الرد الإيراني من المهم التوقف عند مدى قدرة الكيان على تنفيذ رده العدائي، ومدى جدواه، وإلى أية درجة تستطيع إيران التقليل من الخسائر التي قد يسببها الجنون والحقد الصهيو أمريكي، وهنا أتوقف عند مجموعة من الجوانب المهمة التي لا يجوز إغفالها، ومنها:
ــــ إيران دولة إقليمية كبرى، وقد حجزت لنفسها مكانة متقدمة بوسائط الدفاع الجوي على مستوى الغرب الآسيوي، وهذا ما أشاد به في تموز الماضي قائد الدفاع الجوي الإيراني العميد علي رضا صباحي فرد مؤكداً أن بالدفاعات الجوية الإيرانية رقم واحد في المنطقة في كل مجالات هذا الاختصاص، من الكشف (الجوي) إلى الاعتراض، وأضاف إن “جمهورية إيران الإسلامية من بين القوى العظمى في الدفاع الجوي، ليس فقط في المنطقة ولكن في العالم”، أي أن القدرة على التعامل مع قسم كبير من أي عدوان محتمل أكبر مما قد يخطر على الذهن.
ــــ كشفت طهران في عام 2014 عن الصنف الثالث من منظومة “خرداد”، التي تستطيع استهداف الطائرات المعادية من مسافة (40كم).، كما كشفت في عام2019 عن منظومة “بافار 373″، التي صممت بناءً على نظام S-300 الروسي وصاروخ باتريوت الأمريكي، ويمكنها اكتشاف ما يصل إلى /300/ هدف في وقت واحد، ومن مسافة تزيد عن(289كم) والاشتباك مع ستة أهداف بصواريخ “صياد ـــ 4” التي يصل مداها إلى (193 كم).
ـــ الإنجاز الإيراني الأهم في مجال الدفاع الجوي كان في 6/6/2023م. عندما أزيح الستار عن الصاروخ “فتَّاح” فرط الصوتي يبلغ، ومداه /1400كم/ بسرعة تتراوح بين /13 ــ 15 ماخ/ في حين أن سرعة صواريخ منظومة باتريوت “4،1” ماخ ومقلاع داؤود “7،5 ماخ” وآرو2 “9ماخ”، وآرو 2 وثاد حتى “8،2 ماخ”، وهذ نقطة مهمة جداً، فالصواريخ الاعتراضية يمكن أن تنجح باعتراض صواريخ مكافئة لسرعتها، وليس أكبر من سرعتها، أي أن باستطاعة إيران استهداف الكيان المؤقت خلال أقل من سبع دقائق، ،فضلاً عن أن لدى إيران صواريخ بالستية من أصناف أخرة يبلغ مداها “2000كم” إلا أن صاروخ “فتاح” يتميز بالقدرة على المناورة وكسر المسار الباليستي داخل وخارج الغلاف الجوي بهدف التغلب على جميع أنواع أنظمة الدفاع الجوي، وما تحتاجه إيران للرد على أية رعونة إسرائيلية محتملة عدد محدود من صواريخ “فتاح” لتدمير أقسام الرصد والتحكم في منظومات الدفاع الجوي المعادية، مما يتيح المجال أمام الصواريخ الباليستية والطائرات دون طيار وصواريخ الكروز الأخرى لتنفيذ عملياتها بنجاح.
- جرعة التسخين من جديد التي تلقاها نتنياهو بعد اغتيال سماحة السيد نصر الله والقادة الميدانيين الآخرين رحمة الله عليهم جميعا لم يطل مفعولها، فسرعان ما خفتت فورة النتن ورهطه المجرمين بعد عملية الوعد الصادق2، وقد يستعيد بعض الزخم بعد اغتيال القائد يحي السنوار رحمه الله وتقبله، لكن مثل هذه الحروب الكبرى لا تتوقف تداعياتها عند تقدم هنا وتعثر هناك، فضلاً عن أن واشنطن هي القائد الميداني الفعلي لكل ما يحدث، ومن هنا يمكن التوصل إلى استنتاج مضمونه يقول: ارتفاع التكلفة المباشرة على الأمريكي قد يسرع في الوصول إلى نهاية المضمار، وبعكس ذلك فالحرب قد تطول وتمتد لتتجاوز حدود المنطقة.
- ليس باستطاعة واشنطن حتى ولو نصبت كل ما لديها من منظومات “THAAD” في الكيان المؤقت أن تمنع طهران من ممارسة حقها في الرد على أي عدوان إسرائيلي، وليس بمقدور كل من يصطف مع تل أبيب أن يحمي الكيان من التداعيات الكارثية التي قد يخلفها الرد والرد على الرد، وقد سبق لصواريخ عملية الوعد الصادق2 أن دكت قاعدة “رامون، وهي لا تبعد أكثر من “30كم” عن مكان نشر المنظومة الأمريكية الجديدة، ومن المهم أن يؤخذ بالحسبان ما أشار إليه بعض المسؤولين الإيرانيين بخصوص تحول الجنود الأمريكيين الذين سيشغلون منصات المنظومة إلى هدف مشروع، وبالتالي هم سيكونون في دائر الخطر سواء أتم استهدافهم أم لا.
- الحديث عن عدوان إسرائيلي محتمل وحتمية الرد الإيراني يترك الأفق مفتوحاً على شتى الاحتمالات، وفي مقدمتها: تحريك جميع الجبهات المقاومة الأخرى واشتعالها بشكل متزامن، مع العرض أن غالبية الأهداف الاستراتيجية العسكرية والخدمية والاقتصادية الإسرائيلية في مرمى أكثر من جبهة من جبهات الإسناد سواء من جنوب لبنان أو من اليمن أو من غيرهما، وعندها سيكون إغراق الدفاعات الجوية المعادية تحصيل حاصل عبر إطلاق عدد كبير من الصواريخ والطائرات المسيرة في وقت واحد، الأمر الذي يفوق قدرة الأنظمة الدفاعية على الرد، ومن المسلم به أن إضافة “48” صاروخاً اعتراضياً من منظومة “THAAD” قد يتصدى لنصف هذا العدد وفق المتعارف عليه بالعلم العسكري “كل صاروخ بالستي يحتاج إلى صاروخين اعتراضيين على الأقل”، وعملية الوعد الصادق شهدت إطلاق ما لا يقل عن /180/ صاروخاً، ويتوقع أن يضم الرد القادم أضعاف هذا العدد، مع العرض أن عملية إعادة تذخير المنصات بصواريخ اعتراضية للإطلاق من جديد تحتاج إلى وقت قد يستغرق حوالي نصف ساعة، والضباط الإيرانيون يدركون ذلك، ويمكنهم حساب الزمن المطلوب لوصول صواريخهم في توقيت إعادة التذخير بيسر وسهولة، وبالتالي إذا لم تنجح الموجة الأولى من صواريخ الرد الإيراني إلى أهدافها كاملة، فالموجة التالية ستصل غالبيتها إلى الأهداف المحددة والمحملة على الصواريخ.
خلاصة واستنتاج:
ــــ افتقار الكيان للعمق الجغرافي المطلوب، وإعلان دول المنطقة أنها لن تكون طرفاً في أية مواجهة قادمة، واتساع المساحة الجغرافية الإيرانية يحكم بفشل أية عملية إسرائيلية في تحقيق أهدافها مهما كانت الوسائط المستخدمة جواً وبراً وبحراً، ويجعل من الخسائر المتوقعة في أي رد إيراني تفوق طاقة الكيان المؤقت على التحمل والتعامل مع التداعيات.
ــــ لا جدوى عسكرية صالحة للبناء عليها من دفع تل أبيب للإقدام على أية خطوات تصعيدية، إلا إذا كانت الدولة العميقة وصلت إلى قناعة بانتهاء صلاحية الكيان الوظيفي، وتحوله إلى عبء إستراتيجي، فعندها قد يفهم من خطوة حَقْنِهِ بالمنشطات لدفعه نحو الانتحار.
* بقلم د. حسن أحمد حسن – باحث سوري متخصص بالجيوبوليتيك والدراسات الإستراتيجية
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.alalam.ir بتاريخ:2024-10-23 21:10:00
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي