منعاً لاستئناف الحرب، مصر وقطر تتطلعان الى تسريع اعمار غزة

هآرتس 19/1/2025، تسفي برئيل: منعاً لاستئناف الحرب، مصر وقطر تتطلعان الى تسريع اعمار غزة
إن دخول اتفاق وقف اطلاق النار على حيز التنفيذ واعادة المخطوفين هي فقط بداية عملية طويلة ومؤلمة، التي هي على بعد شعرة من انفجار وتحطم الأمل. اكثر مما يتعلق ببنود الاتفاق، وضمانات دول الوساطة والتهديد بالجحيم للرئيس ترامب، فان تنفيذ الاتفاق مرهون، للرعب الشديد، بنوايا ونزوات حكومة اسرائيل وحماس. الصيغة الجزئية، لا تفسر كل البروتوكولات والملحقات السرية، لكنها توضح بماذا كل طرف ملزم وما هو الجدول الزمني لتنفيذ كل مرحلة، ومن الواضح من الصيغة ايضا ما الذي سيعتبر خرق للاتفاق. لكن الواقع على الارض توجد له حياة خاصة به، ومثلما أن الجيش الاسرائيلي غير قادر على أن يكون المسؤول عن أي رصالة يتم اطلاقها من بندقية جندي – هكذا حماس مرة اخرى ليست الحاكم المطلق في غزة الذي يمكنه منع اطلاق صاروخ أو زرع عبوة على يد مخرب معارض للاتفاق. هذه الاحداث هي المادة المتفجرة التي ستفجر الاتفاق، والاتفاق الحالي ايضا غير محصن امامها.
من اجل حماية الاتفاق من خروقات غير متعمدة والتأكد من أنه سيتم تنفيذه، في يوم الجمعة تم تشكيل في القاهرة “غرفة عمليات”، التي تشارك فيها اسرائيل، قطر، فلسطين والولايات المتحدة. غرفة العمليات هذه هي التي ستراقب ترتيبات تشغيل معبر رفح وادارة ادخال المساعدات الانسانية وتنسيقها – ضمن ذلك ادخال 600 شاحنة للمواد الغذائية والادوية والمعدات الطبية، من بينها لا يقل عن 300 شاحنة ستصل الى شمال القطاع و50 صهريج للوقود. اليوم يتوقع أن يأتي الى القاهرة ايضا ممثلون عن الاتحاد الاوروبي الذي اعلن عن منحة بمبلغ 123 مليون دولار لصالح المساعدات الانسانية، لتحديد ترتيبات العمل في المعبر.
حسب تقارير لوسائل اعلام عربية فان النية هي اعادة تشغيل آلية الرقابة والسيطرة التي تم تحديدها في اتفاق المعابر الذي وقعت عليه اسرائيل ومصر في 2005. وحسب هذا الاتفاق اسرائيل يمكنها الرقابة “من بعيد” على الحركة في المعبر ووضع الفيتو على هوية من يدخلون ومواصفات البضائع التي ستدخل الى القطاع، لكن ممثليها لا يمكنهم التواجد في المعبر. الترتيبات الجديدة التي ستدخل الى حيز التنفيذ تستند الى التفاهمات والخطة التي تم طرحها في شهر آب – بعد ثلاثة اشهر على سيطرة اسرائيل على المعبر – عندما قامت اسرائيل ومصر بمناقشة مسألة تشغيل معبر رفح. في حينه رفضت اسرائيل اقتراح مصر أن يقوم ممثلون عن السلطة وممثلون من غزة غير مرتبطين بحماس، بالرقابة على الطرف الغزي في المعبر. ولكنها لم تنجح في بلورة آلية بديلة لادارة المعبر وتوزيع المساعدات.
في يوم الخميس الماضي وصل الى القاهرة ممثل السلطة الفلسطينية نظمي مهنا، المسؤول عن المعابر والحدود، وايمن قنديل، نائب الوزير حسين الشيخ، من اجل المشاركة في النقاشات حول ادارة المعبر وترتيبات التنسيق مع مصر. يبدو أن اسرائيل لن تستطيع تجنب اشراك ممثلي السلطة في ادارة المعبر. وبخصوص قضية الرقابة وضمان توزيع المساعدات في القطاع، هنا ايضا يبدو أن اسرائيل ستقف امام واقع الذي ارادت منعه خلال الحرب ولكن بدون نجاح. وزارة الداخلية لحماس اعلنت اول أمس بأن رجالها ورجال الشرطة مستعدون الآن للانتشار في جميع المناطق التي تحتاج الى عملهم، أي في نقاط المعبر ونقاط توزيع المساعدات لحماية المخازن، وفعليا السيطرة على ترتيبات التوزيع. في هذا السياق، حتى الآن من غير الواضح ما هي قواعد الرد وفتح النار من قبل الجيش الاسرائيلي في الحالات التي سيطلق فيها رجال حماس النار على السارقين، لأن اسرائيل محظور عليها فتح النار على مسلحين طالما أنهم لا يطلقون النار على اهداف اسرائيلية أو على جنود الجيش الاسرائيلي. يبدو أن الجيش الاسرائيلي سيواصل السياسة التي اتبعها حتى الآن، التي بحسبها استفادت عصابات مسلحة من حرية العمل – لكن في هذه المرة حماس هي التي يجب عليها السيطرة على هذه العصابات.
مصر وقطر، عرابات الاتفاق، هي ايضا الدول الضامنة لتنفيذه من قبل الطرف الفلسطيني، لكن العبء الرئيسي للتفعيل العملياتي على الارض سيكون ملقى على القاهرة. فهي التي يمكن أن تنسق مع اسرائيل أي دخول للشاحنات، والفحص بأن كل مواد الحمولة تلتزم بالمعايير التي تم وضعها، والسماح أو منع (بموافقة من اسرائيل) خروج جرحى ومرضى بحاجة الى العلاج، ايضا السماح بدخول سكان من غزة علقوا في الخارج قبل الحرب. هذه مهمة جاءت مع “مكافأة اقتصادية”: شركات في مصر، مرتبطة بالمخابرات المصرية أو بملكيتها، هي التي ستقوم بتشغيل خط المساعدات. وهي ايضا ستنفذ اعمال اعادة الاعمار الاولية، مثل ازالة الانقاض وشق الشوارع التي تم تدميرها وبناء اماكن مؤقتة للسكن واصلاح البنى التحتية مثل شبكة الكهرباء والمياه.
مصر راكمت تجربة كبيرة في ادارة مشاريع اعادة الاعمار في غزة. فقد نفذت مشاريع كهذه بعد عملية “الجرف الصامد”. شركة “ابناء سيناء”، التي هي بملكية رجل الاعمال البدوي ابراهيم العرجاني الذي لديه “امتياز” من قبل المخابرات المصرية، هي التي شغلت ونسقت نشاطات ادخال المساعدات، وحركة دخول وخروج السكان من القطاع واليه قبل الحرب وخلالها، الى حين اغلاق معبر رفح. هذه الشركة تعرضت لانتقاد شديد من قبل السكان في غزة، لأنه طلب منهم دفع آلاف الدولارات مقابل ترتيبات السفر والحصول على تأشيرات. ولكن أول أمس نشر رؤساء العائلات والحمائل الكبيرة في قطاع غزة “لائحة دفاع” عن الشركة. وقد كتب فيها بأن هذه العائلات تعبر عن مباركة “أي نشاط لمصر من اجل اعادة اعمار غزة، والتقدير الكبير للدور الذي لعبته منذ بداية العدوان على غزة. اضافة الى النشاطات التي تقوم بها الشركات المصرية، على رأسها شركة ابناء سيناء”.
حسب تقديرات عامة، غير نهائية، فان حجم الاضرار المباشرة في غزة تبلغ 18 مليار دولار، واعادة الترميم تحتاج 30 – 40 مليار دولار. 1.8 مليون شخص بحاجة الى بيت، ومئات آلاف الطلاب تقريبا لم يبق لهم مدارس. ولكن غزة ليست “البنت الوحيدة” التي تنتظر تجند الدول المانحة. ففي الطابور توجد الآن سوريا ولبنان. كل واحدة منها بحاجة الى مساعدة بعشرات مليارات الدولارات، واعادة الاعمار هي شرط ضروري لاستقرار الانظمة الجديدة التي تشكلت فيها في الفترة الاخيرة. رئيس سوريا، احمد الشرع، الآن ضمن لنفسه مساعدة تركيا والسعودية وقطر. لبنان ينتظر وجبات مساعدات مشابهة من الدول الغربية، السعودية وقطر.
في غزة من شأن اساس عبء الاقتصادي لاعادة الاعمار وتشغيل الاجهزة المدنية أن تتحمله قطر، وهي ايضا ستعمل بواسطة شركات مصرية. يبدو أن من يتطلع الى أن تتوقف قطر عن أن تكون عامل مهم في مستقبل غزة بعد الحرب، سيخيب أمله. فقطر حتى الآن ستكون شريكة حيوية بصفتها الضامنة لتنفيذ كل مراحل الاتفاق. وهي تعمل على استكمال تنفيذ الاتفاق في مرحلتين بدلا من ثلاث مراحل، كما اوضح أول أمس رئيس الحكومة فيها محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مقابلة اجراها مع قناة “الجزيرة”. وقد أكد على أن الاتفاق الذي تم التوقيع عليه للتو يشبه في مضمونه الخطوط العريضة التي تم الاتفاق عليها في كانون الاول 2023. وقال إن قطر تطمح الى أن تكون المرحلة الثانية “المرحلة النهائية، التي ستنهي الحرب بالكامل بدون الحاجة الى المرحلة الثالثة”.
المرحلة الثالثة تتحدث، ضمن امور اخرى، عن خطة اعادة اعمار القطاع. يبدو أن قطر ومصر، اللتان تنويان ايضا عقد مؤتمر دولي لتجنيد المنح لاعادة اعمار القطاع بعد انتهاء المرحلة الاولى للاتفاق، تعطيان اهمية كبيرة لترسيخ اجراءات اعادة الاعمار في المرحلة الاولى وتوسيعها في المرحلة الثانية. الافتراض هو أن تسريع التطوير واعادة الاعمار يمكن أن يشكل كابح امام استئناف الحرب في القطاع، ويساعد على استكمال المرحلة الثانية، التي تعتبر الاكثر حساسية وخطورة بسبب الضغوط السياسية في اسرائيل من اجل استئناف الحرب بعد انتهاء المرحلة الاولى. افتراض مشابه ساعد على الدفع قدما باتفاق وقف اطلاق النار في لبنان، لكن غزة قصة مختلفة كليا، بالاساس لأن عجز حكومة اسرائيل وتصميمها على عدم تشكيل أي بديل سلطوي، تمنح حماس الفرصة لاعادة ادارة القطاع برعاية اتفاق دولي.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-01-19 14:04:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>