موافقة لبنان على مفاوضات مباشرة اعترافا بحكم الامر الواقع لدولة إسرائيل

يديعوت احرونوت 13/3/2025، رون بن يشاي: موافقة لبنان على مفاوضات مباشرة اعترافا بحكم الامر الواقع لدولة إسرائيل
يمكن لنا ان نفهم رؤساء المجالس والبلديات في الشمال حين يتعاطون بشكل كبير لاتفاقات لجنة التنسيق في موضوع لبنان التي انعقدت في الناقورة اول أمس. وسبب الشك هو انه من الصيغة الغامضة للتفاهمات التي اتفقت عليها اللجنة يمكن الوصول الى الاستنتاج بان الجيش الإسرائيلي في نهاية الامر وبعد زمن غير بعيد سينسحب تماما من أراضي جنوب لبنان حتى الخط الأزرق. اذا كان هذا لا يكفي، فحسب الاتفاقات يمكن بسهولة الوصول الى استنتاج آخر: ان حتى هذا الخط الأزرق لن يبقى في مساره الحالي في الحدود بين لبنان وإسرائيل بل سينتقل الى الخلف في 13 نقطة.
رغم احتجاجات رؤساء المجالس والبلدات، أضاف مصدر حكومي كبير في القدس ان إسرائيل لا تتطلع الى إبقاء الجيش الإسرائيلي في أراضي لبنان وانها تأمل في تحقيق ترتيبات أمنية مستقرة على طول الحدود دون التواجد الدائم في أراضي لبنان.
لا يمكن الاستخفاف بهموم رئيس المجلس المحلي المطلة، دافيد ازولاي ورئيس المجلس الإقليمي موشيه دافيدوفيتس اللذين يتذكران جيدا، كيف تحول قرار الأمم المتحدة 1701 الى ورقة فارغة من المضمون. فقد خرق حزب الله كل بند من بنوده بشكل فظ وتموضع على مسافة امتار عن الحدود وهكذا عرض للخطر البلدات المحاذية لها (كما ان طائرات سلاح الجو واصلت التحليق في سماء لبنان، بخلاف تعهد إسرائيل في اتفاق 1701).
لكن الوضع في لبنان اليوم يختلف قطبيا عن الوضع الذي كان في نهاية حرب لبنان الثانية، وهذا يبرر فحصا لاتفاقات لجنة التنسيق بمناظير أخرى ووفقا لمعايير أخرى.
أرضية مريحة للمفاوضات
في 2006 خرج حزب الله ونصرالله باحساس بالنصر الساحق على إسرائيل في حرب لبنان الثانية. كل العالم العربي اعجب بهما، ناهيك عن الطوائف الأخرى التي لم تتجرأ في لبنان أصلا على التشكيك بقوتهما. اما اليوم فالوضع معاكس. فارق أساسي آخر واضح أيضا في الإدارة الامريكية التي في 2006 طلبت من إسرائيل وقف الحرب فورا مقابل قرار ضعيف من الأمم المتحدة. أما اليوم فادارة ترامب تدعم إسرائيل على مدى كل الطريق.
اليوم، يمكن الإشارة الى ثلاث انعطافات. الأول – ان حزب الله ضعف جدا، وفي لبنان نشأت لأول مرة شروطا لتغيير سياسي، عسكري، جوهري وهام. مجرد انتخاب الجنرال عون رئيسا للبنان يجسد حقيقة أن في الظروف الحالية كف حزب الله عن أن يكون العنصر العسكري والسياسي المسيطر في لبنان، واذا ما التزمت حكومات إسرائيل بتعهداتها لمنع ترميم قوة حزب الله، فثمة احتمال جيد لتآكل عميق في قدرة حزب الله وحركة أمل على تهديد إسرائيل وتهديد الطوائف الأخرى في لبنان.
عامل آخر خلق لإسرائيل ارضا مريحة للمفاوضات مع حكومة لبنان هو الاسناد الذي نتلقاه من الرئيس الأمريكي ترامب. فترامب يطالبنا بحزم بامر واحد فقط: الا تستأنف الحرب في لبنان. في هذا الموضوع، تجدر الإشارة الى ان صهر الرئيس ترامب هو رجل اعمال لبناني مسيحي ثري، يهمس في اذنه وهو يريد أولا وقبل كل شيء تخليص لبنان من الازمة العميقة التي يوجد فيها منذ بضع سنوات. كما انه مستعد لان يتحدث معنا ويسمع ما تريد إسرائيل.
العامل الثالث الذي يعمل لصالحنا هو الرغبة الشديدة للدول العربية السُنية المعتدلة بقيادة السعودية، اتحاد الامارات وقطر أيضا لايقاف لبنان على قدميه، حكما واقتصادا. من ناحيتها المعنى هو أن يكون تطبيع يتعزز فيه الجيش اللبناني، بقيادة مسيحية وسُنية أساسا ويحافظ على الامن في داخل لبنان وفي حدوده، بما في ذلك منع تهريب السلاح لحزب الله من سوريا. منذ الان يثبت الجيش اللبناني إرادة للعمل بل وحتى قدرة عمل تنفيذية لم نراها في الماضي.
هذه العوامل الثلاثة تتيح لحكومات إسرائيل الالتزام بالتعهدات التي قطعتها لمبعوث إدارة بايدن عاموس هوكشتاين قبل سنتين ومؤخرا أيضا في اثناء جهود الوساطة التي قام بها لتحقيق وقف النار.
الحوافز الامريكية
لم تنشر حكومة إسرائيل في أي مرة بشكل رسمي التفاهمات التي اقترحها هوكشتاين كحافز وكاغراء – ليس فقط لحزب الله بل وايضا لرؤساء الطوائف غير الشيعية في لبنان – للوصول الى وقف نار وإقامة حكومة جديدة دون مراعاة املاءات حزب الله.
فقد عرض هوكشتاين على اللبنانيين بانه بعد ان يتحقق وقف النار تبدأ مفاوضات لتعديل الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة كحدود بين إسرائيل ولبنان في أيار 2000. حزب الله وأمل، التنظيمات الشيعيان يطالبان بتعديل هذا الخط في 13 نقطة بما في ذلك في منطقة هار دوف.
وعد آخر من هوكشتاين انه في ظل وقف النار سيبحث في إعادة معتقلين لبنانيين، معظمهم من رجال حزب الله وأمل، لدى إسرائيل.
المسألة الثالثة التي لم يجمل هوكشتاين شيئا هي خمسة استحكامات السيطرة التي اقامتها إسرائيل في أراضي لبنان كي تمنع اقترابا محتملا لمسلحين من الحدود (ليس فقط حزب الله بل حماس والجهاد الإسلامي) واطلاق نار في تصويب مباشر الى أراضيها. لكن إدارة ترامب ايدت مؤخرا وجود هذه الاستحكامات الإسرائيلية في أراضي لبنان. إسرائيل أعلنت مسبقا بانها لا تعتزم إبقاء الجيش الإسرائيلي في هذه الاستحكامات الى الابد، وانها مبدئيا ستكون مستعدن لاخلائها في اللحظة التي يتحقق فيها تغيير حقيقي في جنوب لبنان من مسلحي حزب الله.
ينبغي الايضاح: من زاوية نظر أمنية، ما تتطلع اليه إسرائيل هو منع وضع يتاح فيه تسلل لمخربين الى داخل أراضي إسرائيل، وبالتأكيد هجوم واسع على الحدود مثلما كان في الجنوب في 7 أكتوبر 2023. فيما يتعلق بامن بلدات الحدود، القاعدة هي أن يتواجد الجيش الإسرائيلي دوما بينها وبين العدو الذي يوجد او سيكون موجودا في جنوب لبنان. وعليه فاذا بقي الجيش اللبناني مخلصا للجنرال عون وتعززت الحكومة في لبنان وأدت وظيفتها واطاعها الجيش فان إسرائيل في الاتفاقات الدائمة يمكنها أن تطلب وتحصل على ترتيبات امنية لن تؤثر عليها تعديلات الحدود هنا وهناك.
الرابحون والخاسرون
كما أسلفنا، إدارة ترامب وموفدها الى لبنان يطالبان ان تلتزم إسرائيل بتعهداتها كما قطعتها لهوكشتاين كشرط لمواصلة التأييد لإسرائيل. وعليه فان موافقة اسرائيل على البحث في مكانة خمسة الاستحكامات العسكرية الإسرائيلية في داخل لبنان وفي تعديلات الحدود التي يطالب بها حزب الله وفي تحرير المعتقلين اللبنانيين هي خطوة صحيحة تكتيكيا واستراتيجيا على حد سواء لان هذا يعطي فرصة وإمكانية للرئيس عون ولرئيس وزراء لبنان الجديد لتعزيز مكانتهما على حساب حزب الله وبشكل يخدم أمن إسرائيل أيضا.
ان تعزيز مكانة عون ورئيس الوزراء السُني لديه، رئيس المحكمة السابق، هو أيضا السبب الذي جعل إسرائيل توافق على تحرير خمسة سجناء لبنانيين منذ الان. وكما أن إسرائيل حصلت على مقابل معتبر، وهي موافقة مبدئية من لبنان لاجراء مفاوضات دبلوماسية مباشرة وليس عسكرية على المسائل الثلاثة موضع الخلاف. بمعنى ان دبلوماسيين مدنيين من وزارة الخارجية في إسرائيل سيتباحثون مع دبلوماسيين مدنيين لبنانيين. ان مجرد موافقة لبنان على مفاوضات دبلوماسية مباشرة يشكل اعترافا بحكم الامر الواقع لدولة إسرائيل وهذا انجاز بحد ذاته.
وختاما، توجد إسرائيل في هذه اللحظة في جهود استقرار في الجبهات باستثناء الجبهة الإيرانية، والاتفاقات في لجنة التنسيق في لبنان تشكل جزءً من الجهد للوصول الى تسوية دائمة. صحيح أن وزير الدفاع كاتس قال امس ان إسرائيل ستبقى في سوريا دون قيد زمني، لكن من المهم الإشارة، الى أنه في سوريا أيضا، اذا ما توفرت ترتيبات امنية مرضية، ينبغي الافتراض بان إسرائيل ستخرج من منطقة الفصل.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-03-13 15:28:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>