عين على العدو

هآرتس: على من تسري “ديمقراطية” المستشارة القانونية للحكومة؟ اليهود أم الفلسطينيين؟

هآرتس 28/3/2025، حجاي العادعلى من تسري “ديمقراطية” المستشارة القانونية للحكومة؟ اليهود أم الفلسطينيين؟

ذات يوم يجب علينا البت في شأن من اجل ماذا نحن نناضل هنا. يبدو أن هذه اللحظة لا تأتي، وإن كانت قريبة الآن اكثر من أي وقت مضى. ولكن سواء كان الامر قريب أو بعيد إلا أن هناك شرط رئيسي لقول الحقيقة لانفسنا، الذي يجب التمسك به. 

إن كشف الحقيقة مؤلم جدا، ولا توجد أي بهجة في العملية المقرفة التي تمر فيها إسرائيل في هذه الاثناء. حيث أنه في نهاية المطاف هذا هو وطني ولا يوجد لي وطن آخر، لكن يوجد، بطريقة معينة، في “الخطوات” الحالية المزيد من الصدق والصراحة. ليس الصدق من خلال الرغبة أو الندم على الخطأ، بل بسبب عدم وجود خيار آخر. هذا الصدق من المهم التعبير عنه ونقله، لأنه في نهاية المطاف اذا اضطر اشخاص رئيسيون في الجهاز النظامي توضيح علنا جوهر هذا النظام الذي هم جزء منه، فعندها من الجيد أن قطع الحقيقة هذه يجب أن تحتل المكان المناسب لها في قلب العاصفة الحالية. 

ها هي المستشارة القانونية للحكومة تناضل من اجل الحفاظ على “الديمقراطية الإسرائيلية” في وجه من يريدون أن يسيطر هنا نظام تكون فيه الحكومة “فوق القانون، بدون رقابة وتوازنات”، ومن اجل دحض الادعاءات الموجهة ضدها بأنها مشاكسة وتضر بعمل الحكومة، تفسر المستشارة القانونية للحكومة، “بقدر الإمكان في ورقة غير سرية” المجالات التي ساعدت فيها الحكومة في “تعزيز سياستها”.

عن أي مجالات يدور الحديث؟ بالأساس المجالات المتعلقة بالدفع قدما بنظام تفوق اليهود بين نهر الأردن والبحر المتوسط على حساب الفلسطينيين هنا. المستشارة القانونية تفسر بشأن “مفهوم العملية إزاء قطاع غزة”، “توسيع الاستيطان ودعمه”، “هدم بيوت المخربين”، “الدفاع عن سياسة الحكومة فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية لغزة”، (أيضا جميع الاقتباسات في رسالة المستشارة القانونية لوزراء الحكومة عشية الجلسة لمناقشة اقالتها في 23/3).

يمكن بالتأكيد تخيل كيف كان سيتم صياغة الأمور لو أن الامر كان يتعلق بورقة “سرية”، لكن نحن نكتفي بما تقوله حارسة العتبة رقم واحد علنا مع ارفاق الترجمة: “مفهوم العملية امام قطاع غزة” يعني قتل عشرات الآلاف بعمليات قصف من الجو والبر والبحر، بما في ذلك إعطاء المصادقة على الاضرار الجانبية، التي تسمح بالقتل الجماعي لعائلات، نساء وأطفال، أو باختصار: إعطاء يد حرة للجيش كي يهدم ويسوي ويقتل.

“توسيع الاستيطان ودعمه” يعني النشاط المبارك للمستشارة القانونية في الضفة الغربية، في خدمة مواصلة السلب العنيف لاراضي الفلسطينيين وطرد تجمعات، إضافة الى بناء المستوطنات و”شرعنة” بؤر استيطانية لليهود، “الدفاع عن سياسة الحكومة فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية لغزة” يعني سياسة التجويع.

بكلمات أخرى، فيما يتعلق بطريقة عمل النظام في إسرائيل لقمع الفلسطينيين فان طردهم من أراضيهم وقتلهم، أي استخدام عنف دولة منظم ضدهم، سواء بواسطة القنابل والجرافات أو بواسطة أوامر يصدرها قائد المنطقة – المستشارة القانونية بالتأكيد تساعد حكومة نتنياهو – سموتريتش على “الدفع قدما بسياستها” وتتطلع الى مواصلة المساعدة. 

الحكومة من ناحيتها لا تكتفي بذلك. وهي لديها أسبابها. ولكن في محاولة الدفاع عن “الديمقراطية” فان المستشارة القانونية للحكومة تقول لها بشكل واضح وفي ورقة مكتوبة بشكل رسمي وصادرة من مكتبها على من بالضبط تسري هذه الديمقراطية وعلى من لا تسري. اليهود – نعم، الفلسطينيون – لا. في نهاية المطاف هذا النظام لا يعتبر نظام ديمقراطي.

الحديث لا يدور عن مجرد موقف رسمي، بل عن موقف أخلاقي تتفاخر به المستشارة: من بداية رسالتها أوضحت بأن الحكومة تتطلع الى تحويل مؤسسة المستشار القانوني الى “مؤسسة مطلوب منها صم الأذن امام النشاطات غير القانونية، وحتى المساعدة في ذلك”. في هذه المرحلة من الجدير التوقف قليلا والتذكر امام أي نشاطات بالتأكيد قامت المستشارة القانونية بصم أذنها، “أو حتى أيدتها”. يجب تذكر آلاف الأطفال الفلسطينيين الذين يموتون في غزة بصورة قانونية، ورؤية المذابح التي تحدث في القرى الفلسطينية في الضفة، التي يتم تنفيذها حسب القانون، واستيعاب بالفعل سلطة القانون، الذي تؤمن به المستشارة، وهو القانون الذي يجب الالتزام به بشكل حازم.

المستشارة ليست لوحدها. ففي هذه الأوقات الصعبة ليست وحدها التي تضطر الى المناورة في صياغة المواقف العامة التي تعلن بصراحة عن أي نظام وأي قانون تحاول الدفاع عنه. رئيس المحكمة العليا السابق اهارون براك قال في مقابلة مع القناة 13 قبل أسبوع بأنه ناقش مع مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي، تشكيل لجنة تحقيق حكومية. لماذا؟ من اجل الغاء مذكرة الاعتقال ضد رئيس الحكومة. هذه كانت محاولة أخرى لتعزيز معضلة براءة الاختراعات الإسرائيلية الدائمة، التي فيها نحن “نفحص” انفسنا لمنع إجراءات قانونية دولية. بهذا الشكل نجحت إسرائيل، حتى الآن على الأقل، في تنظيم اعفاء دولي لنفسها من المحاسبة على الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين، سواء في إسرائيل أو في الساحة الدولية.

من الجدير أيضا تذكر خطاب رئيسة المحكمة العليا السابقة، استر حيوت، بعد بضعة أيام من اطلاق وزير العدل ياريف لفين لخطة الانقلاب القانوني. في اقوالها ضد “خطة تدمير جهاز القضاء” عرضت حيوت في حينه ثمانية نماذج قرارات حكم مرحب بها من قبل المحكمة، التي اختارتها لتقديمها للجمهور من اجل تحبيبه بالمحكمة العليا. الأمثلة، التي اختيرت بالتأكيد بحرص، تجاهله كليا الفلسطينيين. حيوت كان يمكنها في حينه الذهاب ابعد من ذلك في محاولة لتسويق المحكمة العليا للجمهور، وعرض على سبيل المثال أيضا الطريقة التي تشرعن بها المحكمة طرد الفلسطينيين وتدمير تجمعاتهم، من منطقة الخان الأحمر وحتى مسافر يطا. هي استطاعت اقتباس من مئات قرارات الحكم التي شرعنت العقاب الجماعي على شكل هدم بيوت عائلات المخربين الفلسطينيين أو المصادقة على سياسة إسرائيل (في حينه) ضد غزة، أو شرعنة قوانين مثل قانون لجان القبول، قانون النكبة، قانون الجنسية، وبالطبع قانون الأساس: القومية.

في نهاية المطاف فانه في كل ما يتعلق بقمع الفلسطينيين، على جانب الخط الأخضر، المحكمة ليست فقط شريكة كاملة، بل هي حجر الزاوية في شرعنة نظام الابرتهايد وتزيينه، أمام انفسنا وامام العالم. حيوت لم تفعل ذلك لأنه في الأيام البعيدة من كانون الثاني 2023 هي كانت تطمح الى الدفاع ليس فقط عن استقلالية المحكمة، بل أيضا عن الصورة الليبرالية، سواء للمحكمة أو للدولة. هذه الصورة لم تكن تتساوق مع الخطاب الذي فيه تسوق رئيسة المحكمة العليا بصوت مرتفع معظم قرارات حكمها المناوئة للفلسطينيين. لذلك، في حينه هي قفزت عن مادتين ولم تقل عنهما أي كلمة، فيما يتعلق بحقوق نصف الاشخاص الذين يعيشون بين النهر والبحر. لقد مرت تقريبا سنتين وها هي المستشارة تتحدث بصوت مرتفع وتؤكد بوضوح بالضبط المجالات التي فضلت حيوت في حينه تجاهلها، “الإجراءات”. 

لم تكن هنا ديمقراطية، بل نظام تفوق بقناع شفاف. هذا النظام العفن يواجه الآن تناقضاته الداخلية. لا يوجد أي فرح في الاشمئزاز الذي يفيض به كل ذلك، وبالتأكيد هناك خوف من المستقبل القادم، لكن من الجدير والحاسم الاعتراف بالحقيقة، الحقيقة التي بدونها لن تكون هنا ديمقراطية حقيقية، هي فقط التي يمكن أن تكون القاعدة لحياة مشتركة آمنة وجديرة، حياة للجميع، التي من اجلها يجب مواصلة النضال.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-03-28 17:55:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

/a>

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى