هل تتلاشى آمال الجزائر في حيازة سو-57 مع دخول سو-35 الخدمة؟

وقد أثار هذا التساؤل نقاشًا أوسع حول قدرات روسيا التصديرية، واستراتيجية الجزائر الدفاعية، والجداول الزمنية المحيطة بـ سو-57، التي لا تزال بعيدة المنال.
سو-35: حل مؤقت أم تغيير في الاتجاه؟
تعد سو-35 مقاتلة متعددة المهام من الجيل 4++ ذات قدرات متقدمة، وتم تسليمها إلى الجزائر أواخر 2024 أو أوائل 2025، وفقًا لمصادر دفاعية نقلت عنها وسائل إعلام مثل Jane’s Defence Weekly.


يأتي ذلك بعد سنوات من التكهنات حول اهتمام الجزائر بطائرة سو-57 الشبح الروسية من الجيل الخامس، حيث ذكرت تقارير منذ عام 2019 أن الجزائر وقعت عقدًا للحصول على 14 نسخة تصديرية من Su-57E.
إذا صحت هذه المعلومات، فستكون الجزائر أول زبون أجنبي لهذه المقاتلة الشبحية. لكن برنامج سو-57 واجه تأخيرات متكررة في الإنتاج والتسليم، حتى داخل سلاح الجو الروسي، مما يثير تساؤلات حول موعد وصولها إلى شمال إفريقيا، إن حدث ذلك أصلًا.
القدرات التشغيلية لسلاح الجو الجزائري والتوازن الإقليمي
لطالما اعتمد سلاح الجو الجزائري على المعدات السوفيتية والروسية، حيث يشمل أسطوله الحالي مقاتلات Su-30MKA وطائرات ميغ-29 المتقادمة. وقد أدى تقاعد مقاتلات ميغ-25 الاعتراضية عام 2022 إلى ترك فجوة تسعى الجزائر لسدها، خاصة في ظل تطور القوات الجوية لدول الجوار، مثل المغرب الذي يشغل مقاتلات إف-16 الأمريكية، ومصر التي تعد زبونًا رئيسيًا للسلاح الروسي.
تمثل سو-35، بفضل إلكترونياتها المتطورة، وصواريخها بعيدة المدى، وقدراتها الفائقة على المناورة، ترقية كبيرة مقارنة بالمقاتلات التي تشغلها الجزائر حاليًا.
في هذا السياق، صرح مايكل كوفمان، الباحث البارز في مركز الأمن الأمريكي الجديد، خلال بودكاست حديث، قائلاً: “سو-35 منصة قتالية مجربة ومستخدمة على نطاق واسع من قبل روسيا نفسها، ويمكن إدماجها بسرعة ضمن سلاح جو لديه خبرة مع تصميمات سوخوي.”
هذا العامل قد يفسر سبب اختيار الجزائر لـ سو-35 كحل فوري.
Su-57: حلم مؤجل؟
تعد سو-57 قفزة نوعية مقارنة بـ سو-35، حيث توصف بأنها منافسة للمقاتلتين الأمريكيتين إف-22 وإف-35، بفضل قدراتها الشبحية، وسرعتها فوق الصوتية دون الحاجة إلى تشغيل الحارق اللاحق (Supercruise)، وأحدث تقنيات دمج البيانات من المستشعرات. لكن تطويرها واجه عقبات عديدة.


ووفقًا لـ معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، كان لدى روسيا حوالي 12 مقاتلة سو-57 فقط في الخدمة بحلول عام 2024. وقد أعاقت العقوبات الغربية، واضطرابات سلاسل التوريد بسبب الحرب في أوكرانيا، والتحديات التقنية—بما في ذلك محرك Izdeliye 30 غير المكتمل—الإنتاج واسع النطاق للطائرة.
أما نسخ التصدير، مثل Su-57E التي كُشف عنها لأول مرة في معرض MAKS عام 2019، فلم يتم تسليمها رسميًا لأي عميل أجنبي حتى الآن.
هذا الوضع دفع البعض إلى التكهن بأن الجزائر، التي تحتاج إلى مقاتلات حديثة في أقرب وقت ممكن، لجأت إلى سو-35 كجسر لحين وفاء روسيا بالتزاماتها بشأن سو-57.
في يناير 2025، ذكرت وكالة تاس الروسية أن طيارين جزائريين كانوا يتدربون على أجهزة محاكاة سو-57 في روسيا، مما يشير إلى استعدادات محتملة لاستقبال الطائرة في المستقبل.
وفي هذا الصدد، قال دوغلاس باري، الخبير في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS): “قد تستغرق دورات التدريب على مقاتلة من الجيل الخامس مثل سو-57 عدة سنوات، خاصة بالنسبة لدولة تنتقل من منصات قديمة.”
وأضاف أن سو-35، بفضل توافقها مع البنية التحتية للصيانة واللوجستيات في الجزائر، يمكن أن تحافظ على جاهزية سلاح الجو الجزائري في هذه المرحلة الانتقالية.
وأشار إلى أن هذه الاستراتيجية ليست جديدة، موضحًا: “من الشائع أن تقوم الدول بإدخال قدرات جديدة تدريجيًا. انظر إلى الهند، التي اعتمدت على سو-30 قبل أن تفكر في خيارات أكثر تقدمًا.”
الجانب المالي: قرار تكتيكي؟
تبقى التكلفة عاملاً حاسمًا في هذه المعادلة. لا يزال سعر Su-57E غير واضح، لكن تقديرات The Aviationist تشير إلى أنه يتجاوز 100 مليون دولار لكل وحدة، في حين أن سو-35 تُقدر بنحو 65 مليون دولار وفقًا لبيانات SIPRI.
بالنسبة لدولة ذات اقتصاد يعتمد بشكل رئيسي على صادرات النفط والغاز، فإن تحقيق التوازن بين التكلفة والقدرة القتالية يمثل أولوية. لذا، قد يكون شراء دفعة صغيرة من سو-35 الآن وسيلة للحفاظ على الموارد المالية من أجل أسطول مستقبلي من سو-57، مع تلبية الاحتياجات الأمنية العاجلة.
يتماشى هذا مع نمط التوريد الجزائري المعتاد، حيث تفضل الجزائر عادةً عمليات شراء متدرجة للمقاتلات الروسية، مثل سو-30 وسو-34، في إطار عملية تحديث تدريجية.
يأتي التوسع العسكري الجزائري في سياق التوترات المستمرة مع المغرب. وقد زاد حصول المغرب على طائرات مسيرة متقدمة وتحديثات لمقاتلات إف-16 من الولايات المتحدة من إحساس الجزائر بالحاجة الملحة لتعزيز قدراتها الجوية.
تتمتع سو-35 بقدرة على حمل ذخائر موجهة بدقة وضرب أهداف متعددة، ما قد يساعد في موازنة تفوق المغرب المتنامي جوًا، ريثما تمكّن ميزات التخفي في سو-57 الجزائر من فرض تفوق أوضح في المستقبل.
في هذا السياق، قال صامويل بينديت، الخبير في الشؤون الدفاعية الروسية بمركز التحليلات البحرية، في مقابلة مع Defense News: “الجزائر تريد أن تبعث برسالة قوة الآن، وليس بعد خمس سنوات. الـ سو-35 تتماشى مع هذا الإطار الزمني.”
هل سو-35 مجرد حل مرحلي أم اقتناء دائم؟
لا يتفق جميع المحللين مع فرضية أن سو-35 مجرد مرحلة انتقالية. فالبعض يرونها عملية شراء قائمة بذاتها، إما بسبب الشكوك حول جاهزية سو-57 أو بسبب مراجعة استراتيجية في الجزائر.
تتمتع سو-35 بسجل قتالي مثبت—حيث استخدمتها روسيا على نطاق واسع في سوريا—وقد تفوق موثوقيتها على الشكوك المحيطة بمنصة غير مجربة مثل سو-57.
جاستن برونك، الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)، كتب في تعليق نشرته Air & Space Forces Magazine في فبراير 2025: “لماذا تراهن على مقاتلة لا تزال غير مؤكدة عندما يكون لديك خيار موثوق جاهز اليوم؟”
واقترح برونك أن الجزائر قد تقلص طلبها على سو-57 إذا أثبتت سو-35 أنها تلبي احتياجاتها الفعلية.
حتى مارس 2025، لم يصدر أي تأكيد رسمي على تسليم سو-57 للجزائر، رغم التقارير عن عقد 2019. تواجه الصناعة الدفاعية الروسية ضغوطًا كبيرة بسبب الطلب المحلي والعقوبات الدولية، مما قد يجعل من الصعب إعطاء الأولوية للعملاء الأجانب.
في تقرير صادر عن وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية (DIA) عام 2024، ورد أن: “قدرة موسكو على زيادة إنتاج سو-57 لا تزال موضع شك، خاصة فيما يتعلق بأسواق التصدير.”
إذا استمرت هذه التأخيرات، قد تميل الجزائر إلى توسيع أسطولها من سو-35، كما فعلت مصر بمزيج من الطائرات الروسية والغربية.
يتطلب الانتقال إلى مقاتلة شبحية مثل سو-57 أكثر من مجرد تدريب الطيارين. فهو يشمل تحديث أنظمة الرادار، وبروتوكولات الصيانة، وربما حتى ترقية القواعد الجوية لاستيعاب التصميم الشبحي للطائرة.
في المقابل، يمكن دمج سو-35 بسهولة ضمن البنية التحتية الحالية للجزائر. مايكل كوفمان، الباحث في مركز الأمن الأمريكي الجديد، حذر من أن: “هناك خطر أن تصبح سو-57 عملية شراء استعراضية أكثر من كونها خيارًا عمليًا. الجزائر قد تقرر أنها لا تحتاج إلى هذا الصداع.”
يبقى التوقيت والهدف النهائي للجزائر غير واضحين. لم تصدر وزارة الدفاع الروسية أي تصريحات محددة حول جدول تصدير سو-57، ونادرًا ما يعلق المسؤولون الجزائريون على صفقات التسليح.
حتى الآن، أكدت صور الأقمار الصناعية التي حللتها منصة Oryx وجود سو-35 في قاعدة بوفاريك الجوية في الجزائر اعتبارًا من مارس 2025، لكن لا يوجد دليل مشابه على وصول سو-57.
حتى تتوفر تحديثات رسمية، سيظل الجدل قائمًا، مدفوعًا بالسياقات السياسية والتطورات الصناعية.
ما هو واضح هو أن الجزائر تمر بمرحلة إعادة تشكيل لقدراتها الجوية، مدفوعة بمزيج من الطموح والواقعية الجيوسياسية. دخول سو-35 الخدمة يمثل خطوة ملموسة للأمام، سواء كان ذلك كحل مؤقت أو كجزء أساسي من القوة الجوية الجزائرية المستقبلية.
إذا سلمت روسيا سو-57 بحلول أواخر 2025 أو 2026، فإن فرضية “الحل المرحلي” ستكتسب مصداقية، حيث ستظهر سو-35 كجسر نحو المستقبل الشبح.
ولكن إذا استمرت التأخيرات، أو إذا أعادت الجزائر تقييم أولوياتها، فقد تصبح سو-35 العمود الفقري الدائم لسلاح الجو الجزائري. في الوقت الحالي، لا يزال القرار النهائي مرتبطًا بقدرة روسيا الإنتاجية ومدى صبر الجزائر.


JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.defense-arabic.com بتاريخ:2025-03-22 08:52:00
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
تم نشر الخبر مترجم عبر خدمة غوغل