هل تستطيع مقاتلات سو-57 الشبحية الروسية تجاوز أنظمة باتريوت، وNASAMS، وSAMP/T الغربية دون كشفها وإسقاطها؟

وفقًا للمصادر الروسية، فإن المقطع الراداري للمقاتلة سو-57 يتراوح بين 0.1 و1 متر مربع. وهذا عامل رئيسي في تقييم قدرتها على اختراق المجال الجوي المحمي بأنظمة دفاع جوي مثل باتريوت الأمريكي وNASAMS النرويجي-الأمريكي وSAMP/T الفرنسي-الإيطالي.


تم تصميم هذه الأنظمة، المنتشرة في دول الناتو وخارجها، لاكتشاف وتحييد التهديدات المتطورة. وهنا يبرز التساؤل: هل يمكن لـ سو-57 الإفلات دون أن تُرصد؟
يشير الخبراء والبيانات المتاحة إلى أن البصمة الرادارية المنخفضة تمنح سو-57 ميزة مقارنة بالطائرات القديمة، لكنها تظل مرئية لرادارات هذه الأنظمة المتقدمة، رغم أن نجاحها قد يعتمد على تكتيكات وتقنيات تتجاوز التخفي وحده.
دخلت سو-57 الخدمة مع سلاح الجو الروسي في ديسمبر 2020 بعد سنوات من الاختبار تحت اسمها التجريبي T-50. يتم الترويج لها كمنافس للطائرات الغربية من الجيل الخامس، حيث تتميز بإلكترونيات طيران متطورة، وقدرة على الطيران الأسرع من الصوت دون تشغيل الحارق اللاحق، وتصميم يقلل من بصمتها الرادارية.
تؤكد وسائل الإعلام الروسية والمسؤولون العسكريون أن بصمتها الرادارية تتراوح بين 0.1 و1 متر مربع، وهو انخفاض كبير مقارنة بالطائرات من الجيل الرابع مثل سو-27 التي تصل بصمتها إلى 10–15 مترًا مربعًا. لكن بالمقارنة، فإن إف-35 الأمريكية تمتلك بصمة رادارية تقدر بين 0.001 و0.005 متر مربع، وفقًا للمحللين الغربيين، مما يُظهر فجوة كبيرة في الأداء الشبحي.
يصبح هذا الفرق حاسمًا عند مواجهة أنظمة دفاع جوي مثل باتريوت وNASAMS وSAMP/T، والتي تعتمد على رادارات متطورة لتتبع واستهداف الأهداف الجوية.
يُعد نظام باتريوت، وخاصة نسخه الأحدث PAC-2 وPAC-3، حجر الزاوية في الدفاع الجوي للولايات المتحدة وحلفائها. ويعمل في أوكرانيا، بولندا، ألمانيا، ودول أخرى، مستخدمًا رادارات مثل AN/MPQ-53 وAN/MPQ-65، التي تعمل ضمن نطاق التردد C-band (4–8 GHz).
تمتلك هذه الرادارات تقنية المصفوفة الطورية، مما يمنحها قدرة استثنائية على اكتشاف الأهداف الصغيرة سريعة الحركة، بما في ذلك الصواريخ الجوالة والطائرات ذات البصمة الرادارية المنخفضة. ووفقًا لتقرير عام 2019 من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، فإن نظام باتريوت قادر على رصد هدف ببصمة رادارية 0.1 متر مربع من مسافة 50–70 كم، وترتفع هذه المسافة إلى 100–120 كم إذا كانت البصمة الرادارية 1 متر مربع.
تعتمد هذه الأرقام على ظروف مثالية مثل الطقس الصافي والطيران على ارتفاع عالٍ وغياب التشويش الإلكتروني. وبالنسبة لـ سو-57، فإن هذا يعني أن اكتشافها سيتم على الأرجح ضمن نطاق الاشتباك، والذي يتجاوز 100 كم بصواريخ PAC-3.
وقال جون فينابل، الطيار السابق لمقاتلة إف-16 والباحث البارز في مؤسسة هيريتيج: “تم تصميم رادار باتريوت للتعامل مع الأهداف منخفضة الملاحظة. توقيع راداري يتراوح بين 0.1 و1 متر مربع ليس صغيرًا بما يكفي للاختفاء عنه باستمرار.”


يوفر NASAMS، أو نظام الصواريخ المتقدم أرض-جو الوطني، نهجًا مختلفًا. تم تطويره بالشراكة بين شركة كونغسبرغ النرويجية وشركة رايثيون الأمريكية، ويستخدم لحماية المواقع الحيوية في دول مثل الولايات المتحدة وإسبانيا وأوكرانيا مؤخرًا.
على عكس نظام باتريوت الذي يركز على الأهداف بعيدة المدى، يُعتبر NASAMS نظامًا متوسط المدى، ويستخدم عادةً رادار AN/TPQ-64 Sentinel أو نماذج AESA الأحدث مثل GhostEye، التي تعمل في نطاق X-band (8–12 GHz). تصل مدى صواريخه، AIM-120 AMRAAM، إلى 40–50 كم.
تشير بيانات تقنية صادرة عن كونغسبرغ عام 2021 إلى أن رادار Sentinel يمكنه اكتشاف هدف ببصمة رادارية 0.1 متر مربع من مسافة 20–40 كم، وتصل هذه المسافة إلى 50–60 كم إذا كانت البصمة 1 متر مربع. بالنسبة لمقاتلة سو-57، يعني هذا أنها قد تُرصد داخل منطقة الاشتباك الخاصة بـ NASAMS، رغم أن مدى النظام الأقصر يقلل من هامش الخطأ.
وقال الدكتور توم كاراك، مدير مشروع الدفاع الصاروخي في مركز CSIS: “نظام NASAMS صغير الحجم لكنه فعال. إنه ليس باتريوت، لكنه لا يزال قادرًا على رصد شيء مثل سو-57، خاصة إذا تم دمجه مع مستشعرات أخرى.”
يُكمل SAMP/T، وهو مشروع مشترك بين فرنسا وإيطاليا، هذه الثلاثية الدفاعية. يتم تشغيله من قبل القوات المسلحة الفرنسية والإيطالية، وتسعى دول أخرى للحصول عليه. يستخدم النظام رادار Arabel ثلاثي الأبعاد بتقنية AESA—والذي يعمل أيضًا ضمن X-band—إلى جانب صواريخ Aster 30 بمدى يصل إلى 120 كم.


وقالت شركة يوروسام، المسؤولة عن تطوير SAMP/T، أن رادار Arabel قادر على رصد هدف ببصمة رادارية 0.1 متر مربع من مسافة 40–60 كم، بينما يمكنه رصد هدف ببصمة 1 متر مربع من 80–100 كم.
تتماشى هذه الأرقام مع دور النظام كدفاع على مستوى مسرح العمليات، قادر على مواجهة الطائرات والمسيّرات والصواريخ الباليستية. ضد سو-57، من المحتمل أن يكتشف الرادار المقاتلة على مسافات كافية لاعتراضها، لا سيما بالنظر إلى رشاقة صواريخ Aster.
وقال أليساندرو ماروني، المحلل الدفاعي في معهد الشؤون الدولية الإيطالي: “SAMP/T يسد الفجوة بين الأنظمة قصيرة وبعيدة المدى. راداره دقيق بما يكفي لمواجهة الأهداف الشبحية مثل المقاتلة الروسية الأحدث.”
لكن الاكتشاف ليس سوى جزء من المعادلة. البصمة الرادارية لـ سو-57 ليست رقمًا ثابتًا—بل تتغير وفقًا لزاوية تعرضها للرادار. ركّز المصممون الروس على التخفي من الجهة الأمامية، حيث يكون تصميم المقاتلة والمواد الماصة للرادار أكثر فاعلية.
يمكن أن ترتفع البصمة الرادارية من الجوانب أو الخلف، وخاصة مع فوهات المحركات المكشوفة، مما يجعل الطائرة أكثر وضوحًا. وأشارت دراسة أجراها المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI) عام 2020 إلى أن الطائرات الشبحية غالبًا ما تفقد تفوقها عندما تُرصد من زوايا غير أمامية أو بواسطة رادارات خارج نطاق X-band، مثل أنظمة VHF أو L-band.


تعتمد أنظمة باتريوت وNASAMS وSAMP/T بشكل أساسي على الترددات العالية، لكنها غالبًا ما تكون مترابطة داخل شبكات أوسع تشمل رادارات التردد المنخفض، مثل أنظمة الإنذار المبكر المحمولة جوًا (AWACS) أو الرادارات الأرضية بعيدة المدى. يمكن لهذا النهج متعدد الطبقات أن يكشف سو-57 حتى لو انخفضت بصمتها الرادارية الأمامية إلى الحد الأدنى من نطاقها المعلن.
إلى جانب التخفي، تعتمد قدرة سو-57 على النجاة من هذه الدفاعات على التكتيكات والتقنيات. يروّج المسؤولون الروس لمنظومة الحرب الإلكترونية (EW) الخاصة بالمقاتلة، والمعروفة باسم “هيمالايا Himalaya”، والتي يُقال إنها تعمل على التشويش أو خداع الرادارات المعادية.
بينما تظل التفاصيل نادرة، أشار بيان صادر عن وزارة الدفاع الروسية عام 2018 إلى أن هذه المنظومة تعزز قدرة المقاتلة على اختراق المجال الجوي المعادي.
إذا كانت هذه التقنية فعالة، فقد تُقلّص النافذة الزمنية المتاحة لاكتشاف سو-57 بواسطة باتريوت وNASAMS وSAMP/T، مما قد يجبر هذه الأنظمة على الاعتماد على مستشعرات أخرى مثل الأشعة تحت الحمراء أو الرصد البصري—وهذه الوسائل أقل موثوقية على المدى البعيد.
التحليق على ارتفاع منخفض، أسفل خط أفق الرادار، يُعد خيارًا آخر. على ارتفاع 100 متر، قد تساعد التضاريس في إخفاء المقاتلة وتأخير اكتشافها حتى تصبح قريبة جدًا، لكن ذلك يزيد أيضًا من مخاطر التعرض لأنظمة الدفاع قصيرة المدى أو التهديدات الأرضية.
وقال جاستن برونك، خبير القوة الجوية في معهد RUSI: “التخفي لا يتعلق فقط بالبصمة الرادارية، بل بكيفية استخدامك للمنصة. روسيا تدرك ذلك، ومن المرجح أنها تخطط استراتيجياتها بناءً عليه.”
في سيناريو تحليق سو-57 منفردة ضد بطارية باتريوت واحدة، فإن فرصها في تجنب الرصد ضئيلة. الكشف على مسافة تتراوح بين 50 و120 كم يمنح النظام وقتًا كافيًا لإطلاق الصواريخ الموجهة عبر التتبع الراداري المستمر. أما NASAMS، الذي يتمتع بنطاق كشف أقصر يتراوح بين 20 و50 كم، فقد يواجه صعوبة في اعتراض سو-57 إذا اقتربت بسرعة عالية تتجاوز 2 ماخ، لكن تكامل NASAMS مع شبكة الدفاع الجوي للناتو يمكن أن يقلب المعادلة لصالحه. أما SAMP/T، فيقع بين الاثنين بمدى كشف يتراوح بين 40 و100 كم، مما يمنحه قدرة تهديد متوازنة. ومع ذلك، في إطار عملية عسكرية واسعة النطاق، تتغير الحسابات تمامًا.
إذا عملت سو-57 بالتنسيق مع أهداف خداعية أو صواريخ كروز أو طائرات مسيّرة، وهي تكتيكات روسية معروفة تم استخدامها في أوكرانيا منذ عام 2022، فقد تتمكن من إرباك أنظمة الدفاع الجوي أو استغلال الثغرات في تغطيتها. ووفقًا لتوم كاراكو، لا يوجد دفاع غير قابل للاختراق، فالأمر يتعلق بالإغراق والتوقيت بقدر ما يتعلق بالتخفي.
عند مقارنة سو-57 بـ إف-35، تظهر التحديات التي تواجهها المقاتلة الروسية. مع بصمة رادارية أصغر بنحو 100 مرة، يتم اكتشاف إف-35 من مسافات أقصر بكثير، ربما بين 5 و15 كم بواسطة باتريوت، وفقًا لتقديرات CSIS، مما يمنحها وقت استجابة أقل للأنظمة الدفاعية. أما سو-57، حتى مع أفضل تقديرات بصمتها الرادارية التي تصل إلى 0.1 متر مربع، فإنها تبقى أكثر عرضة للرصد من قبل الأنظمة نفسها.
تقول المصادر الروسية، بما في ذلك تقرير لوكالة تاس عام 2021، أن مزيج التخفي والسرعة والحرب الإلكترونية يمنح سو-57 القدرة على المنافسة، لكن المحللين الغربيين يظلون متشككين. دراسة لمعهد ميتشل للدراسات الجوية عام 2023 أكدت أن تصميم المقاتلة، بما في ذلك أجزاء المحركات المكشوفة وتشكيل الهيكل الأقل تطورًا، يقوض مزاعم انخفاض البصمة الرادارية. ووفقًا لجون فينابل، فإن سو-57 تمثل تقدمًا بالنسبة لروسيا، لكنها ليست قفزة نوعية، خاصة عند مقارنتها بـ إف-35، التي تضع معيارًا أكثر تقدمًا بكثير.


التاريخ العملياتي لا يقدم رؤية واضحة لقدرات سو-57 في بيئات قتالية حقيقية. فقد استخدمت روسيا المقاتلة في سوريا عام 2018، ولكن في ظروف غير مهددة مع دفاعات جوية ضعيفة. إنتاجها لا يزال بطيئًا، إذ لم يتم تسليم سوى أقل من 20 مقاتلة بحلول أوائل عام 2025، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI). كما أن محاولات تصديرها لم تكلل بالنجاح، مثل الاتفاقية المتوقفة مع الهند.
في المقابل، أثبت باتريوت كفاءته في اعتراض صواريخ سكود العراقية عام 1991، والمسيّرات الحوثية في اليمن منذ 2015، بينما أثبت NASAMS وSAMP/T فعاليتهما في التدريبات القتالية، وساهم NASAMS في التصدي للصواريخ الروسية في أوكرانيا. هذه السجلات التشغيلية تعزز موثوقية الدفاعات الجوية مقارنةً بمقاتلة لم تخضع لاختبار جدي في بيئات ذات تهديدات عالية.
على المستوى الاستراتيجي، تظل قدرات سو-57 موضع اهتمام بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، إذ يمكن أن تؤثر على خطط الدفاع في مناطق مثل أوروبا الشرقية والقطب الشمالي، حيث قد تسعى روسيا لاختبار دفاعات الناتو. من ناحية أخرى، فإن إثبات قدرة سو-57 على تحدي أنظمة مثل باتريوت أو SAMP/T من شأنه تعزيز صورة روسيا العسكرية وفرصها في سوق تصدير الأسلحة.
من الواضح أن البصمة الرادارية لـ سو-57، التي تتراوح بين 0.1 و1 متر مربع، لا تجعلها غير مرئية لهذه الأنظمة. مع نطاقات كشف تمتد بين 20 و120 كم، هذه الأنظمة قادرة على رصد المقاتلة الروسية في معظم السيناريوهات. ومع ذلك، فإن نجاح سو-57 في المعارك لن يعتمد فقط على التخفي، بل على كيفية استخدامها، سواء من خلال التكتيكات الذكية أو التكنولوجيا المتقدمة أو التفوق العددي. وكما قال فينابل، فإن التخفي يفتح الباب، لكن المعركة هي التي تحدد المصير، والاختبار الحقيقي لـ سو-57 لم يأتِ بعد.




JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.defense-arabic.com بتاريخ:2025-03-24 08:46:00
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
تم نشر الخبر مترجم عبر خدمة غوغل