صحافة

هل حقق الكيان المحتل نصرا إستراتيجيا باغتياله اسماعیل هنية؟

العالممقالات وتحليلات

الاغتيال نفذه الاحتلال الإسرائيلي دون تبنيه أو إعلانه المسؤولية عن ذلك، جاء بعد ساعات فقط من تبني الاحتلال مسؤولية اغتيال رئيس أركان حزب الله اللبناني فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية ببيروت.

وكثف الاحتلال منذ بداية العدوان على غزة عمليات الاغتيال لقادة وكوادر تنظيمات المقاومة الفلسطينية، وحزب الله اللبناني فضلا عن قيادات عسكرية واستخبارية إيرانية في سوريا.

ولم تقتصر الاغتيالات على قيادات ميدانية داخل غزة والضفة الغربية، بل تجاوزتها لتشمل قيادات سياسية وعسكرية في الخارج، كان في مقدمتهم صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ورفاقه، إضافة إلى قيادات في حزب الله وفيلق القدس.

وامتدت سياسة الاغتيالات عبر عقود لتشمل قائمة كبيرة من قيادات منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية وحزب الله، وكثيرا من الشخصيات التي يعتقد أن لها دورا ما في دعم القضية والمقاومة الفلسطينية حتى من غير الفلسطينيين. واستخدم كيان الاحتلال عدة أساليب في التنفيذ، منها الطرود المفخخة والمسدسات المزودة بكواتم الصوت، والسيارات المفخخة والقنص والمواد الكيميائية السامة والخنق، والطائرات المسيرة، وصولا إلى القصف الجوي بقنابل ضخمة لضمان التدمير الكامل للهدف.

*مكاسب آنية*

يخلص رونين بيرغمان الصحفي الإسرائيلي بكتابه الموسوعي “قم واقتل أولاً: التاريخ السري للاغتيالات الإسرائيلية المستهدفة” إلى أن سياسة الاغتيالات نجحت في إزالة تهديدات مباشرة محددة لكنها فشلت في توليد حل طويل الأمد لمعضلة الأمن الإسرائيلي، وأثبتت أنها ليست بديلاً عمليًا للمفاوضات والتسوية.

وتشير تلك العمليات إلى أن صناع القرار الإسرائيليين -الذين يميلون إلى التفكير في المكاسب الآنية قصيرة المدى التي تحققها عمليات الاغتيال دون تأمل السياق الإستراتيجي الأوسع ودروس التاريخ- إلى أن عدالة القضية ووجود حاضنة شعبية للمقاومة يؤديان إلى تحويل القيادات المغتالة إلى رموز للنضال، كما يدفعان باستمرار إلى تجديد الدماء وعنفوان المقاومة.

كما أن سياسة الاغتيالات الإسرائيلية أدت في بعض الحالات إلى تفكيك تنظيمات فلسطينية صغيرة مثل “أيلول الأسود” لكنها لم تنجح في تفكيك جماعات لها امتدادات بالمجتمع تتيح ضم أعضاء جدد، وتصعيد أصحاب المواهب والكفاءات بشكل سريع لتعويض فقدان القادة، مثلما هو الحال لدى حماس في فلسطين أو حزب الله في لبنان.

وفي الحالة الفلسطينية، اعتبر كيان الاحتلال أنه باغتيال القائد صالح العاروري ستقلل من العمل المقاوم في الضفة الغربية وستمنع محاولات التطوير، إلا أن شواهد العمل المقاوم في الضفة في الشهور والأسابيع التي أعقبت ارتقاء العاروري، شهدت تطوراً ملحوظا في الأداء والتكتيك على حد سواء.

ذاك التطور في الأداء والتكتيك، أتى بثمار كبيرة وهو ما شهدته نتائج العمل المقاوم على الأرض وما تكبده الاحتلال وجنوده من خسائر في الآونة الأخيرة، ما دفع وزير الحرب يؤاف غالانت لإعطاء التعليمات بحرية عمل الطائرات للقضاء على المقاومين في الضفة الغربية، تجنباً للخسائر.

*فشل استراتيجي*

عند تفحص نهج الاغتيالات الإسرائيلية نجد أنه يعطي الأولوية للاعتبارات التكتيكية، بينما غالباً ما تكون له آثار إستراتيجية سلبية على الاحتلال، وهو ما يمكن توضيحه بعدة أمثلة. وفي الإطار الفلسطيني، لم يسفر اغتيال يحيى عياش -عبر تفجير هاتفه الخلوي مطلع عام 1996- إلى تحطيم القدرات العسكرية لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، بل على العكس تحول عياش إلى أيقونة للمقاومة الفلسطينية.

وطوّرت القسام من قدراتها الأمنية والعسكرية، بالإضافة إلى انتقامها من اغتيال عياش عبر تنفيذ 4 تفجيرات بعد شهرين من تصفيته أسفرت عن مقتل 60 إسرائيليا وإصابة المئات، وهو ما أعاد وقتها للمشهد نمط العمليات الاستشهادية التي توقفت قبل الاغتيال نحو عام كامل، وأثبت أن الكيان المحتل لا يملك اليد العليا، وأنه كما يضرب يُضرب.

وضمن نفس السياق، دفع اغتيال أبو علي مصطفى الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في 27 أغسطس/آب 2001، عناصر تنظيمه إلى الثأر بعد أقل من شهرين عبر اغتيال رحبعام زئيفي وزير السياحة الإسرائيلي الشخصية السياسية المتطرفة، في الفندق الذي يقيم به، وذلك ضمن سياسة رأس برأس.

كذلك لم يؤد اغتيال كبار قادة حماس إسماعيل أبو شنب وعبد العزيز الرنتيسي والشيخ أحمد ياسين -في وقت متقارب خلال أقل من عام واحد- إلى انهيار القيادة السياسية للحركة، أو تقوية السلطة الفلسطينية على حساب فصائل المقاومة قبيل الانسحاب الإسرائيلي الأحادي من غزة عام 2005.

وأدت تلك الاغتيالات إلى تعزيز صورة حماس كحركة مقاومة يُستشهد قادتها وأفرادها في المواجهات، وهو ما ساهم في فوزها بانتخابات 2006 مما قاد في المحصلة إلى سيطرة حماس على كامل قطاع غزة عام 2007، ليتحقق عكس ما أرادته القيادة الإسرائيلية.

واستنباطا من سياق تاريخ العمل المقاوم الفلسطيني، يستشرف أن اغتيال القائد هنية ستكون نتائجه عكسية على الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية بما يزيد من عمل محور المقاومة وكسر خطوط حمراء لم تكن في حسابات “تل أبيب” وشريكها واشنطن، بما يدخل المنطقة لحرب إقليمية تنسف المشروع الأمريكي برمته. وعقب الاغتيال قال المرشد الأعلى الإيراني إن الكيان الصهيوني المجرم الإرهابي جلب على نفسه بهذا الاعتداء أشد العقاب والثأر لدماء هنية من واجب إيران لأنه استشهد على أرضنا.

وقالت كتائب القسام في بيان نعي إن عملية الاغتيال الإجرامية بحق القائد هنية وفي قلب العاصمة الإيرانية هي حدث فارق وخطير، ينقل المعركة إلى أبعادٍ جديدةٍ وسيكون له تداعيات كبيرة على المنطقة بأسرها، وإن العدو قد أخطأ التقدير بتوسيعه لدائرة العدوان واغتيال قادة المقاومة في مختلف الساحات وانتهاك سيادة دول المنطقة، وإن المجرم نتنياهو الذي أعماه جنون العظمة يسير بكيان الاحتلال نحو الهاوية ويعجّل بانهياره وزواله عن أرض فلسطين مرة وإلى الأبد.

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.alalam.ir بتاريخ:2024-08-01 00:07:13
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من Beiruttime اخبار لبنان والعالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading