العرب و العالم

هل يشكل الأمن سلعة الصين الجديدة في الشرق الأوسط؟

 

شفقنا-ان حاجة السعودية لتوفير الأمن منذ تأسيس المملكة بعام 1932، جعلتها تقيم تحالفا مع الولايات المتحدة لتحقيق الأمن وفقا لقاعدة تبادل الطاقة، بحيث كانت الولايات المتحدة تتسلم الطاقة والنفط من السعودية مقابل توفير أمنها، غير انه في يومنا هذا ووفقا لقرار أوبك بلس القاضي بخفض إنتاج نفط الأعضاء فان علاقات توفير الأمن والطاقة بين السعودية وأمريكا بشكل ثنائي قد أصبحت ضعيفة، وهذا الأمر قد أدى بدوره إلى ان تصبح الصين وفي غياب الولايات المتحدة شريكة السعودية في الشرق الأوسط.

في المنتصف الأول من القرن العشرين كان النفط يعد سلعة ذات قيمة استراتيجيا وعسكريا، يكفي حديث عن أهميته بأنه يذهب الخبراء بان كل شيء في القرن الواحد والعشرين يخرج من فوهة النفط، وعلى هذا يمكن القول بان الصين والولايات المتحدة كونهما البلدين الصناعيين القويين على المستوى الدولي، وبغية تحقيق التنمية، كانا يران أنفسهما بحاجة إلى طاقة الشرق الأوسط ونفطها. ويمكن القول بان الولايات المتحدة ومنذ ان أعلن بوش الأب إستراتيجية السياسة الخارجية التي تركز على الشرق الأوسط والبحث عن حلفاء في المنطقة، قد ركزت على المنطقة تركيزا، ومنذ ذلك الوقت فان أمريكا قامت بتوطيد علاقاتها بأقطاب الطاقة والنفط في الشرق الأوسط ومنها السعودية.

أما الصين ووفقا لقاعدة سياستها الخارجية أي الجار الجيد، قامت بتطوير علاقاتها بالشرق الأوسط. وان حاجات هذا البلد إلى النفط صناعيا، قد تحولت إلى آلية لإقامة العلاقات مع الدول النفطية في مجلس التعاون ومنهم السعودية في القرن الراهن. ووفقا للتقارير فان السعودية تعد المصدر الأول للنفط إلى الصين، ومع ان استيراد النفط الصيني من روسيا في شهر أغسطس زاد بنسبة 28 بالمائة مقارنة بالعام السابق، غير ان السعودية حافظت على مكانتها كأول مصدر للنفط إلى الصين. على هذا فان تواجد الصين في الشرق الأوسط كونه الشريك التجاري للسعودية في مجال النفط قد يحمل في طياته تداعيات عدة لأمريكا في منطقة الشرق الأوسط.

تقليل سيطرة أمريكا على منطقة الخليج والشرق الأوسط

 يعد تقليل قوة أمريكا في السيطرة على منطقة الخليج والشرق الأوسط من ضمن تداعيات تواجد الصين في الشرق الأوسط كشريك تجاري للمملكة العربية السعودية في مجال النفط. هذا ودائما ما تحاول الولايات المتحدة بذل قصارى جهدها للسيطرة على منطقة الخليج منذ عام 1971 لسببين أولها مكانة منطقة الخليج في نقل الطاقة ذلك أنها ترتبط عبر مضيق هرمز ببحر عمان ومن هناك بالمياه الحرة عالميا، وهذا الأمر يظهر مكانة منطقة الخليج المميزة في نقل الطاقة بالنسبة للولايات المتحدة.

أما السبب الثاني الذي يجعل الولايات المتحدة تركز على منطقة الخليج والشرق الأوسط بشكل عام هو أن الولايات المتحدة الأمريكية ، بعد حادثة 11 سبتمبر 2001 ، حيث واجهت تهديد القاعدة صارت تشعر بالقلق تجاه احتمال وقوع أحداث مماثلة في الخليج ومنطقة الشرق الأوسط في المستقبل وبذلك تشكل تهديدا لأمنها، مثل نمو وظهور تنظيم القاعدة في اليمن أو ظهور حركة طالبان في أفغانستان، إضافة إلى هذا أصبحت تشعر بالخوف من الضرر المحتمل الذي يمكن أن يلحق بالحكومة الأمريكية في المستقبل، لذلك ركزت منذ عام 1971 على السيطرة على منطقة الخليج والشرق الأوسط وذلك من خلال إقامة تحالفات مع السعودية وإسرائيل. ويأتي عقد صفقات بيع أسلحة بمبالغ هائلة إلى السعودية والإمارات مؤخرا في هذا الاتجاه.

تصعيد التوتر والصراع بين الصين والولايات المتحدة

بالنظر إلى التوتر في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة نرى بأنه يضرب بجذوره إلى التسعينات من القرن الفائت، لكن ذروة الحرب الاقتصادية والتجارية بين هذين البلدين ظهرت بعام 2017، عندما تولى ترامب رئاسة الولايات المتحدة. ففي أغسطس 2017، كلف ترامب وزارة التجارة الأمريكية بالتحقيق في القضايا التجارية المتعلقة بحقوق الملكية ونقل التكنولوجيا والابتكار وذلك في مجال التجارة بين الصين والولايات المتحدة. أظهرت نتائج البحث المنشور في 22 مارس 2018، أولا، أن الصين تستخدم قيود الملكية الأجنبية، بما في ذلك متطلبات الاستثمار المشترك، وقيود الأسهم المشتركة، وقيود الاستثمار الأخرى لنقل التكنولوجيا من الشركات الأمريكية لصالح أشخاص في الصين. ثانيا، تفرض الصين قيودا أساسية على استثمارات وأنشطة الشركات الأمريكية، بما في ذلك قيود على شروط ترخيص التكنولوجيا. وتحرم هذه القيود مالكي التكنولوجيا في الولايات المتحدة من إمكانية التداول ووضع شروط قائمة على السوق لنقل التكنولوجيا.

وثالثا تستخدم الصين استثمارات الولايات المتحدة الأمريكية بهدف الحصول على التقنيات المهمة والملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا في مجال الصناعات. ورابعا، تتدخل الصين بطريقة ما في الشركات الأمريكية من خلال شبكات الكمبيوتر أو تقوم بسرقة بياناتها. توفر هذه الإجراءات للحكومة الصينية إمكانية الوصول غير الشرعي إلى الملكية الفكرية أو الأسرار التجارية أو المعلومات التجارية السرية، كما تدعم الأهداف الإستراتيجية للصين، بما في ذلك التقدم التكنولوجي والتحديث العسكري والتنمية الاقتصادية؛ هذه النتائج التي توصلت إليها وزارة التجارة الأمريكية قد أدت بترامب إلى القيام بأعمال عدة منها فرض التعريفة على المنتجات الصينية وتحديد الاستثمار الصيني في القطاعات المهمة التقنية حتى تمنع سيطرة الصين على الاقتصاد العالمي.

وفقا لما جاء يمكن القول بان الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ التسعينات من القرن الفائت كانت تشعر بالقلق من تقدم الصين عليها في الاقتصاد العالمي، على هذا فإنها دخلت في توترات وحرب اقتصادية وتجارية، وفي يومنا هذا فان تواجد الصين في الشرق الأوسط في إطار عقد شراء النفط قد يؤجج مرة أخرى نيران الحرب بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية وهذا ما يترك تداعياته السلبية على تواجد أمريكا في المنطقة. ومن جهة أخرى يرى الخبراء بان الصين لا يمكنها لعب دور مؤثر على المستوى الأمني على غرار الدور الأمريكي في المنطقة، وزادت حدة هذه القضية منذ إخفاق الصين في قضية تايوان.

المصدر: صحيفة آرمان امروز

————————

المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع

————————–

النهاية

المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2022-10-31 23:17:16
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من Beiruttime اخبار لبنان والعالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading