صحة و بيئة

هل يمكن لتجعد شحمة الأذن أن يتنبأ بالنوبات القلبية؟

يُطلق على تجعد شحمة الأذن القطري اسم علامة فرانك، وقد يشير وجودها وفقًا لبعض الدراسات إلى خطورة كبيرة للإصابة بأمراض الشرايين الإكليلية، التي قد تسبب النوبات القلبية، أو احتشاء العضلة القلبية، إذ تتضرر العضلة القلبية بسبب نقص تدفق الدم إليها.

تُعد أمراض الشرايين الإكليلية من أهم أسباب الوفيات عالميًا، وأكثر أسباب النوبات القلبية شيوعًا.

حظيت العلامات المرئية المرافقة للأعراض المبكرة لأمراض الشرايين الإكليلية باهتمام كبير، إذ يربط الخبراء بين علامة فرانك وزيادة خطر الإصابة بأمراض الشرايين الإكليلية، إلى جانب عوامل الخطورة التقليدية، مثل التدخين والتقدم في العمر والسكري وارتفاع ضغط الدم.

ما علامة فرانك؟

تمتلك بعض شحمات الأذن ما يُشبه التجعد أو الخط أو الطية العميقة والقطرية، مقارنةً بشحمة الأذن العادية.

أُطلق على هذا التجعد اسم علامة فرانك، نسبةً للطبيب ساندر فرانك، الذي لاحظها للمرة الأولى لدى عشرين مريضًا أعمارهم دون ستين عامًا، وعانوا ألمًا صدريًا، وثبتت إصابتهم بانسداد الشريان الإكليلي.

تُمكن ملاحظة أن ستيفن سبيلبرغ وجورج بوش امتلكا علامة فرانك، وتُظهِر أيضًا منحوتات الإمبراطور الروماني هادريان امتلاكه علامة فرانك، ويُعتقد أنه مات بسبب مرض في الشرايين الإكليلية وفشل قلبي.

كيف ترتبط علامة فرانك بالنوبات القلبية؟

لا يوجد جواب نهائي حول الترابط بين علامة فرانك والنوبات القلبية، يعتقد بعض الخبراء أن العمليات الكامنة المسببة لهما متشابهة.

يحصل القلب والأذن على الدم من شرايين انتهائية، ما يعني أن انقطاع التدفق الدموي لهذه الأعضاء سيسبب ضررًا للأنسجة، بسبب عدم وجود شرايين أخرى يمكنها التعويض.

تقترح نظرية وجود ترابط بين خسارة بروتين الإيلاستين وألياف الإيلاستين وتشكُّل علامة فرانك، وهي العملية ذاتها التي تضر بالأوعية الدموية عند الإصابة بأمراض الشرايين الإكليلية، إضافةً إلى وجود ارتباط بين علامة فرانك والنوبة القلبية لدى مجموعات عرقية مختلفة، ما يدعم احتمالية وجود سبب جيني.

هل تزيد علامة فرانك خطر الإصابة بالأمراض القلبية؟

وجدت دراسة أن ظهور علامات معينة في الأعمار الكبيرة تُعد مؤشرًا لتراجع صحة القلب والأوعية، وخاصةً العلامات المرئية مثل علامة فرانك والصلع ذي النمط الذكوري، وترسب الكوليسترول في العيون «اللويحات الصفراء»، سواءً أكانت مفردة أم مجتمعة، والتي قد تكون مؤشرًا لزيادة خطر الإصابة بنقص التروية القلبية والنوبة القلبية.

مع أن الآلية الدقيقة التي تربط بين علامة فرانك وأمراض الشرايين الإكليلية لم تُفهم، فقد أشارت دراسة سنة 2016 إلى أن علامة فرانك تُعد طريقة بسيطة ومُجدية لتحديد أمراض الشرايين الإكليلية، إذ اقترحت وجود ترابط بين علامة فرانك وخطر الإصابة بأمراض الشرايين الإكليلية، وأوضحت أيضًا وجود ترابط مع العمر والجنس والتدخين.

أوضحت دراسة سنة 2017 إمكانية تنبؤ علامة فرانك بالحوادث الوعائية الدماغية الإقفارية، مثل النوبة الإقفارية العابرة، أي نقص التروية الدماغية العابرة، إضافةً إلى السكتة الدماغية، وذكرت الدراسة أن الأشخاص الذين يمتلكون علامة فرانك -إضافةً إلى عوامل الخطورة التقليدية للأمراض القلبية والوعائية، مثل العمر والجنس والسكري من النمط الثاني وارتفاع ضغط الدم لديهم- يمتلكون خطرًا أكبر للإصابة بالأمراض القلبية.

لا تتنبأ علامة فرانك -وعوامل خطورة أمراض الشرايين الإكليلية- بالإصابة بالأمراض فحسب، بل أشارت دراسة سنة 2015 إلى إمكانية استخدام علامة فرانك لتوقع مصير أمراض الشرايين الإكليلية بعد علاجها جراحيًا، وفحصت دراسة سنة 2021 العلاقة بين احتشاء العضلة القلبية الحاد وعلامة فرانك، ووجدت ترابطًا مستقلًا بين علامة فرانك والنجاة مدة عام بعد الإصابة باحتشاء العضلة القلبية الحاد.

إضافةً إلى ذلك، يملك الأشخاص ممن لديهم علامة فرانك خطورة أكبر للوفاة بعد الإصابة باحتشاء عضلة قلبية حاد.

وجدت بعض الدراسات نتائج مختلفة، إلا أن أغلب هذه الدراسات كانت قديمة. مثلًا أشارت دراسة سنة 2008 إلى أن علامة فرانك لا تتنبأ بوضوح بأمراض الشرايين الإكليلية أو اعتلال الشبكية، في حين وجدت دراسة أخرى أن الترابط بين علامة فرانك وأمراض الشرايين الإكليلية كان بسبب ظهورها المتزايد لدى كبار السن.

الفيزيولوجيا المرضية:

لم تُعرف الآلية الكامنة المُسببة لعلامة فرانك حتى الآن، إذ تُقيّم الكثير من الدراسات الآلية المحتملة وعلاقتها بأمراض الشرايين الإكليلية.

أظهرت دراسة سنة 2021 امتلاك الأشخاص أصحاب علامة فرانك المصابين بأمراض الشرايين الإكليلية، مستويات منخفضة من الأدروبين والإيريسين -وهما نوعان من البروتينات- مقارنةً بسواهم، قد يكون هذا النقص هو المسبب لعلامة فرانك والإصابة بتصلب الشرايين العصيدي.

وجدت دراسة أخرى سنة 2021 امتلاك الأشخاص أصحاب علامة فرانك مستويات منخفضة من الهرمون المثبط للشيخوخة، المعروف باسم كلوثو.

يرتبط هرمون كلوثو بالشيخوخة الباكرة والخلل الوظيفي البطاني، الذي قد يكون مرتبطًا أيضًا بالتصلب العصيدي، قد توضح هذه الآليات سبب ميل الأشخاص أصحاب علامة فرانك إلى الإصابة بأمراض الشرايين الإكليلية.

هل يمكن عكس الإصابة بأمراض الشرايين الإكليلية؟

في داء الشرايين الإكليلية، تُصاب الشرايين الإكليلية التي تزود العضلة القلبية بالدم بالتضيُّق، إذ تصبح قاسية بسبب الصفائح التي تترسب في جدرانها، وهي حالة غير قابلة للشفاء ولا يمكن عكسها، لكن يمكن للشخص تغيير نمط الحياة لمنع تدهور الحالة.

تساعد العديد من الأدوية في علاج داء الشرايين الإكليلية، بتوسيع الشرايين أو خفض ضغط الدم، وقد يجري الأطباء بعض التدخلات أو الجراحة لتوسيع الأوعية الدموية، أو إجراء مجازة لتجاوز الأوعية المسدودة، إذا لم تستطع الأدوية تدبير الحالة.

عوامل خطورة أخرى:

وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية، منها يملك نصف سكان الولايات المتحدة على الأقل عاملًا واحدًا من عوامل الخطورة الثلاثة الرئيسية للإصابة بالأمراض القلبية، هذه العوامل هي:

  •  ارتفاع ضغط الدم.
  •  ارتفاع الكوليسترول.
  •  التدخين.

تتضمن عوامل الخطر الأخرى:

  •  السكري من النمط الثاني.
  •  السِمنة.
  •  حمية عالية الكوليسترول والدهون.
  •  نقص النشاط الجسدي.
  •  التدخين.
  •  الإفراط في شرب الكحول.
  •  تاريخ عائلي للأمراض القلبية.
  •  التقدم في العمر.

التشخيص:

قد يطلب الأطباء اختبارات مختلفة لتشخيص أمراض الشرايين الإكليلية، منها:

  •  تخطيط كهربائية القلب: الذي يتحقق من النشاط الكهربائي للقلب، ويُظهر إن كان الشخص يعاني نوبة قلبية.
  •  تخطيط صدى القلب: الذي يستخدم الأمواج الصوتية لتصوير القلب، إذ يُظهر أجزاء القلب التي تعمل بشكل أضعف بسبب نوبة قلبية أو عدم كفاية الأكسجين.
  •  اختبار الجهد: يقيس معدل ضربات القلب في أثناء المشي على جهاز المشي، لتحديد قدرة القلب على ضخ الدم في أثناء بذل الجهد.
  •  القثطرة القلبية: يستخدم أنبوب رفيع مرن يدخل إلى الشرايين للتحقق من الانسدادات.
  •  تصوير الأوعية الإكليلية: يظهر التدفق الدموي والانسدادات في الشرايين الإكليلية.
  •  تحري الكالسيوم في الأوعية الإكليلية: يتحقق من ترسبات الكالسيوم في الأوعية وتشكل اللويحات.

متى تجب استشارة الطبيب؟

عند ملاحظة علامة فرانك، يُنصح باستشارة طبيب مختص، خاصةً عند وجود أعراض لأمراض قلبية أو وجود أحد عوامل الخطر الأخرى.

قد يكون الداء القلبي صامتًا، أي لا يدرك الشخص إصابته به حتى يعاني أعراضه، التي تتضمن:

  •  ألم في الصدر أو عدم راحة.
  •  ألم في العنق أو أعلى الظهر.
  •  عسر هضم.
  •  حرقة في المعدة.
  •  غثيان أو تقيؤ.
  •  عدم الراحة في أعلى الجسم.
  •  تعب شديد.
  •  ضيق في النفس.
  •  دوار.
  •  خفقان.
  •  تورم في القدم أو الكاحل أو الساق أو البطن أو أوردة العنق.

يتطلب ظهور أحد الأعراض التالية علاجًا اسعافيًا:

  •  ألم شديد أو ضغط في منتصف الصدر.
  •  ألم منتشر من الصدر إلى الذراعين والكتف والعنق.
  •  عدم راحة في الصدر مع غثيان أو فقدان وعي أو تعرق.

عند وجود هذه الأعراض، يُحتمل أن الشخص يعاني نوبة قلبية، مع أن الأعراض تختلف من شخص إلى آخر، لذلك يُنصح بطلب المساعدة الطبية عند الشعور بأي أعراض غير معتادة.

الخلاصة:

تربط العديد من الدراسات بين علامة فرانك وارتفاع خطر الإصابة بأمراض قلبية وعائية مثل النوبة القلبية والسكتة. لا تزال الآلية وراء هذه الترابط غير مفهومة، إلا أن العديد من الدراسات قد أثبتت وجوده، ويمكن بالاعتماد عليه وعلى عوامل الخطورة الأخرى التنبؤ بخطر الإصابة بالنوبة القلبية.

يجب على الناس عدم الاعتماد فقط على علامة فرانك، إذ يجب على من يملكون عوامل خطورة أخرى للأمراض القلبية زيارة الطبيب للحصول على التشخيص المناسب والتدبير في الوقت الصحيح.

اقرأ أيضًا:

كيف تتعامل مع النوبة القلبية ان حدثت؟

هل الحزن يزيد مخاطر الإصابة بأمراض القلب؟

ترجمة: ميلاد أبو الجدايل

تدقيق: نور حمود

المصدر

المصدر
الكاتب:ميلاد أبو الجدايل
الموقع : www.ibelieveinsci.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-12-05 21:27:02
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى