800 منزل في مخيم جنين خربت، في الأسبوع القادم سيهدم 95 بيت آخر

هآرتس 26/3/2025، ضياء حاج يحيى: 800 منزل في مخيم جنين خربت، في الأسبوع القادم سيهدم 95 بيت آخر
شارعان فقط يفصلان بين الواقع الذي يعيش فيه سكان مدينة جنين والذي يعيشه مخيم اللاجئين القريب. في الواقع الأول المشترون يملأون الحوانيت في الشارع الرئيسي للمدينة قبل عيد الفطر الذي سيبدأ في يوم السبت، والسوبرماركت الفاخر “ستي سنتر جنين” الموجود في شارع حيفا يضج بالحياة. حركة المشترين وضجة الشارع تختلط معا، حيث عشرات الأشخاص يتحركون بين البسطات والمطاعم ومحلات الحلويات وهم يحملون أكياس في أيديهم والى جانبهم أولادهم يركضون بانفعال.
على مسافة بضع مئات الأمتار من هناك، الطريق الى مخيم جنين تذهب الى عالم آخر، هكذا فان القوانين فيه مختلفة بشكل جوهري. الشوارع المعبدة أصبحت طرق ترابية، واجهات المحلات التي كانت تضج بالحياة في شهر رمضان استبدلت بالقضبان الحديدية، ولا يوجد ذكر للمصابيح التي تنبعث من السوبرماركت. منذ بدأ الجيش الإسرائيلي بالعملية العسكرية في المخيم في كانون الثاني الماضي والشوارع فارغة، معظم المحلات مغلقة والهدوء يخيم هناك. المخيم، الذي كان ذات يوم يضج بالحياة، يشبه الآن مدينة الاشباح.
على مدخل المخيم يبرز الدمار الذي زرعه الجيش. جدران مثقبة بالرصاص تقف الى جانب بقايا هياكل المباني التي انهارت تحت وطأة الجرافات. على الأرض المياه التي تتدفق من الانابيب التي انفجرت تختلط بمياه المجاري وتخلق برك رمادية. عدد من البيوت التي تضررت ما زال قائما، لكن يتم استخدامها فقط مثل ديكور، لأنه تم منع سكانها من العودة اليها. مبان أخرى يتوقع أن تختفي في القريب، لأن الجيش الإسرائيلي ابلغ في الأسبوع الماضي عن نيته هدم 95 بيت في المخيم بهدف تغيير مخططه وفتح طرق قابلة للوصول اليها للسيارات المحصنة.
الجيش يعمل في المخيم كجزء من تحديث اهداف الحرب في الكابنت في كانون الثاني، بحيث تشمل أيضا الضفة الغربية. نتيجة لذلك الجيش الإسرائيلي عمل في نطاقات كبيرة في مخيمات اللاجئين في الضفة. الهجمات من الجو في المنطقة ازدادت، في شوارع كثيرة ازدادت الحواجز وتم اخلاء من المخيمات ليس اقل من 30 ألف شخص. وحسب اقوال رئيس اللجنة الشعبية في مخيم جنين للاجئين، اكرم الرجوب، فان 800 من بين الـ 1050 بيت في المخيم تم تدميرها بالكامل أو بشكل جزئي، حتى قبل الهدم المخطط له.
لا يوجد من يدافع عنا
في هذا الأسبوع ثلاثة من سكان المخيم وقفوا على مدخل المخيم الشمالي قرب كومة من التراب التي وضعها الجيش، ونظروا بهدوء نحو الجهة التي كان فيها بيتهم. بين حين وآخر قاموا بحني رؤوسهم، وبعد ذلك مرة أخرى نظروا نظرة خاطفة نحو الشارع الذي يوجد خلف الحاجز المرتجل. غير بعيد عنهم سمع صوت اطلاق نار، ربما بهدف الردع أو ردا على اطلاق سابق. الرجال ظهروا متوترين ولكنهم لم يتفاجأوا. “ما الذي يحدث هناك؟”، سئل احدهم. هو رد باختصار: “الجيش يطلق النار على كل من يقترب”، قال ذلك بهمس تقريبا وبدون أن ينظر.
قوات الجيش الإسرائيلي تمركزت على بعد 200 متر من هناك. أبو احمد، أحد سكان المخيم (في الخمسينيات) وضع يده على صدره وتنهد بعمق. “أنا أعيش على بعد خمسين متر من هنا”، قال وأشار الى احد الشوارع المدمرة. “بيتي سيتم هدمه وأنا اريد اخراج منه بعض الأغراض التي احتاجها أنا وبناتي. ولكني لا استطيع. قبل يومين حاولت الدخول ولكني خرجت بدون أي شيء. لا يوجد هناك ما نفعله، الجيش لا يسمح لنا”.
“شاهدت بيتي في النبأ الذي نشر، وهو أحد البيوت الـ 95 التي سيتم هدمها”، صوت أبو احمد ارتجف قليلا وهو يواصل التحدث. “تفاجأت. وحتى الآن لا أستوعب ذلك. أنا منذ ستين يوم أسكن بالايجار، وليس لدي المال لانهاء الشهر. وضعي الاقتصادي صعب جدا والآن لا يسمحون لي بأخذ اغراضي. كل حياتي تدمرت”، قال.
سامر الهندي أيضا، أحد سكان المخيم (38 سنة)، ينظر من بعيد الى الحي الذي تربى فيه والآن هو لا يستطيع الاقتراب منه. “منذ بضعة أيام وأنا اريد الدخول الى الحي”، قال بذهول. “لكني لا استطيع. أنا غير مستعد لذلك. هذه ليست حياة. لا يمكن مواصلة العيش في هذه الظروف. كل أسبوع، كل شهر، هناك اقتحام للجيش وتدمير آخر. هذا لا ينتهي”.
خلافا لبيوت كثيرة أخرى في المخيم فان بيت الهندي لا يظهر في قائمة المباني المعدة للهدم. ولكن هو وعائلته طلب منهم اخلاءه قبل شهرين تقريبا. “ربما أن البيت ما زال قائم، لكني لست هناك. أنا مهجر مثل آلاف آخرين. أحد اقاربي اطلقت عليه النار وقتل عندما حاول اجتياز الشارع. اطلاق نار من قبل الجيش في المخيم. نحن مكشوفون ولا يوجد من يدافع عنها”، قال بحزن.
الهندي تنفس عميقا ورفع عينيه نحو الشارع المدمر الذي عاش فيه في السابق وواصل بصوت مصمم أكثر. “هذا ما يريده رجال بن غفير وسموتريتش، اخراج جميع الفلسطينيين من بيوتهم وتدميرها، وتحويل المخيم الى مكان غير قابل للحياة، وجعلنا نتنازل. ولكن نحن لن نتنازل. هذا وطننا. نحن سنبقى هنا أيضا حتى لو اضطررنا الى دفع الثمن بدمائنا”.
المغادرة تحت النار
منذ بداية العملية، مئات العائلات اضطرت الى مغادرة البيوت في مخيم جنين تحت النار عندما دخل الجيش اليه. محمود بركات، احد سكان المخيم (46 سنة)، قال إنه حتى من امتثل لتعليمات الجيش كان في خطر. “نحن هربنا تحت النار الحية. في ظل اطلاق نار كثيف من كل الجهات”، قال. “الجيش استخدم مكبر صوت من اجل أمرنا بالخروج. لم يكن امامنا أي خيار. بعد الإعلان بمكبر الصوت بدقائق بدأت النار الحية”.
بركات قال إن العائلة وجدت صعوبة في الابتعاد في هذه الظروف، مع الاخذ في الحسبان الوضع في المخيم. “الشوارع مدمرة كليا”، قال. “قمنا باستدعاء سيارة اسعاف لنقل أمي، هي مريضة ولا يمكنها المشي، لكن هذا كان مستحيل، لأن الجيش قام بتطويق المخيم بالكامل. حاولنا الخروج في شارع غير مدمر، لكن هناك أيضا اطلقوا النار نحونا”.
جمعة سلامة، احد سكان المخيم (72سنة)، يروي قصة مشابهة. حسب قوله هو ترك بيته سيرا على الاقدام رغم أنه شعر بالتعب. “الجنود أمرونا بالاخلاء”، قال. “رأيت شيوخ ونساء وأطفال يهربون من بيوتهم في ظروف غير محتملة”. حسب قوله لا توجد أي طريقة لمعرفة ماذا يحدث في الاحياء المطوقة. ولكن صدى اطلاق النار والانفجارات التي تسمع من هناك لا تتوقف.
احد سكان المخيم، يونس بواقنة (41 سنة)، يريد التأكيد في بداية المحادثة مع “هآرتس” على أنه ليست له أي علاقة بالمسلحين الفلسطينيين أو القتال. “أنا لا انتمي لأي تنظيم ولا استخدم العنف”، قال. ورغم أنه أمل أن يكون الامر هكذا، إلا أن ذلك لم يمنع الجيش من اقتحام المبنى الذي عاشت فيه عائلته في المخيم، وأمرهم بترك المكان لاسبوعين ونصف.
“في البداية ابقونا نحن العشرة اشخاص، في غرفة صغيرة لساعتين، بعد ذلك أمرونا بترك المبنى كي يتمكن الجيش من استخدامه كقاعدة. الامر استمر 18 يوم”، يتذكر. العائلة التي عاشت في المبنى الذي يتكون من أربعة طوابق اضطرت الى الانتقال بشكل مؤقت الى بيت قريب. ولكن حتى بعد أن سمح لها الجيش بالعودة قبل أسبوع هذا الامر لم يكن عملي بسبب الضرر الذي لحق بالمبنى.
“الجنود قاموا بتدمير جزء من البيت وخربوه، وخلفوا وراءهم القمامة وبراز كلاب قوات الامن التي كانت هناك”، قال بواقنة. “الأبواب والنوافذ تم تحطيمها، الطاولات أيضا. حتى صورنا الشخصية في البيت تم تدميرها”. هو صمت لحظة وأضاف. “في الضفة الامر ليس مثلما في غزة. هناك يموتون مرة واحدة، لكن هنا الموت بطيء”.
مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-03-26 16:01:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي
JOIN US AND FOLO
Telegram
Whatsapp channel
Nabd
GOOGLE NEWS
tiktok
/a>