عين على العدو

نتنياهو يتطلع ان يوفر له خرق الاتفاق مبررا لاستئناف القتال

هآرتس 3/3/2025، عاموس هرئيل: نتنياهو يتطلع ان يوفر له خرق الاتفاق مبررا لاستئناف القتال

الروح الداعمة التي يوفرها على الأقل في هذه الاثناء الرئيس الأمريكي ترامب لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تسمح للحكومة الإسرائيلي بالقيام بخطوات بعيدة المدى. في بعض الساحات هذه مقامرة خطيرة، التي من شأنها أن تشعل من جديد حروب أو تخلق مواجهات جديدة. نتنياهو، قال شخص يعرفه جيدا، كبح حتى الآن نشاطه بسبب مخاوفه من ثلاثة اتجاهات: حدوث تعقيد في محاكمته المتواصلة، تحفظ الجيش من خطواته وانتقاد امريكي. كل هذه القيود ضعفت في الأشهر الأخيرة، والآن لا يتم الشعور بها.

المثال الأبرز والاهم يتعلق بالمفاوضات حول صفقة المخطوفين. عنوان مواقع الاخبار عن خبر وضع المفاوضات أمس كان كما اقتبس من مكتب رئيس الحكومة: المبعوث الامريكي ستيف ويتكوف طرح خطة لتمديد وقف النار، والتي وافقت عليها إسرائيل ورفضتها حماس. يبدو أن العنوان الأكثر دقة هو “إسرائيل تخرق اتفاق التبادل – لم تنسحب من محور فيلادلفيا وتراجعت عن التعهد بوقف القتال وغير مستعدة للدخول الى المرحلة الثانية في الصفقة.

بعد فترة قصيرة على نشر بيان مكتب رئيس الحكومة أعلنت إسرائيل عن وقف ادخال المساعدات الإنسانية الى غزة. حماس في الحقيقة راكمت احتياطات كثيرة في الفترة الأخيرة، ومشكوك فيه أن يؤثر ذلك على الفور على وضع السكان في القطاع. خطوة إسرائيل هذه ستثير انتقاد دولي كبير، وبالتأكيد في بداية شهر رمضان. الادعاء سيكون أن إسرائيل تقوم بصورة متعمدة بتجويع سكان القطاع (في العالم لا يصدقون ادعاء أنه لا يوجد أبرياء من الجريمة في غزة)،  بالتحديد في فترة عيد.

السؤال هو فيما اذا كان يمكن استخدام تجميد المساعدات الإنسانية لوقف استكمال صفقة التبادل كما يدعي رئيس الحكومة، أو أن كل الفكرة هي إعادة اشعال الحرب. في الخلفية هناك تحفظ متزايد لدول الوساطة العربية من خطوات إسرائيل. فمصر غاضبة من خرق التعهدات بشأن محور فيلادلفيا، التي تعطيه أهمية من اجل مصالحها. يبدو أن القطريين بدأوا في اليأس من كل مهمة الوساطة.

ويتكوف يدعم خطوات نتنياهو بواسطة اقتراح وساطة جديد مريح اكثر لإسرائيل. حسب الاقتراح سيتم تمديد وقف النار طوال شهر رمضان وعيد الفصح، وينتهي ذلك في 19 نيسان. جميع المخطوفين، الاحياء والاموات، سيحررون على دفعتين، الأولى في بداية تنفيذ الاتفاق الجديد والثانية في نهايته. هذا الامر سيتم مقابل اطلاق سراح سجناء فلسطينيين، حيث مفتاح التحرير لم يحدد بعد. هذا هو الاقتراح الذي رفضته حماس، واذا بقي رفض حماس قائم ومثله دعم أمريكا لنتنياهو فان هذا الامر يمكن أن يؤدي الى استئناف الحرب، هذا سيحدث على حساب المخطوفين، الذين سيحكم على بعضهم بالتواجد الطويل في الانفاق، وبعضهم ستتم التضحية بهم، ناهيك عن جنود الجيش الإسرائيلي الذين سيقتلون في العملية الهجومية الجديدة، حيث أنه من الواضح أن حماس استغلت الفترة جيدا من اجل الانتظام للدفاع.

في المقابل، هناك تأثير أيضا لنضال عائلات المخطوفين من اجل صفقة فورية وبدون تأثير. أمس تبين أن ترامب شاهد مقابلة المخطوف المطلق سراحه ايلي شرعابي في برنامج “عوفدا” في شبكة “كيشت” وتأثر مما شاهده، ودعاه للالتقاء معه في البيت الأبيض غدا. ولأن جزء كبير من السياسة الامريكية ينبع من العاطفة ومن حدس الرئيس فربما تفتح هنا احتمالية أخرى.

الطريقة التي يفسر بها رئيس الحكومة خطة ويتكوف واضحة، وهي سياسية في أساسها. نتنياهو يريد تمرير ميزانية الدولة في موعدها، وينهي دورة الكنيست الشتوية بسلام، حيث حكومته لم تنهر ووزير المالية سموتريتش لا يضغط عليه. حزب الصهيونية الدينية الذي حسب الاستطلاعات يجد صعوبة في اجتياز نسبة الحسم، يقوم بابتزاز نتنياهو ويملي سلوك الحرب ويعرض حياة المخطوفين للخطر. هذا لن يزعج رئيسه في أن ينشر تغريدة تهنئة أخرى بسعادة مزيفة في المرة القادمة التي سيتحرر فيها مخطوفون، هذا اذا حدث ذلك.

ثمل القوة

حكومة نتنياهو تتصرف بمغامرة بدرجة معينة في كل الجبهات، لأن من يترأسها يشعر أنه يستطيع أن يسمح بذلك لنفسه. القاعدة اليمينية تسوق ذلك كفترة جديدة واعدة في تاريخ إسرائيل، أخيرا هي لا تخشى من عمليات هجومية، وعند الضرورة حتى تقوم باحتلال مناطق جديدة (حاليا لفترة غير محدودة) لحماية مصالحها الأمنية. الخطوات يتم عرضها كدرس مباشر تم استخلاصه من مذبحة 7 أكتوبر: لن نتراجع أكثر.

مع ذلك يثور السؤال، في غزة وفي لبنان هناك الجيش الإسرائيلي بقي في هذه الاثناء في خمسة مواقع في جنوب لبنان بمصادقة من أمريكا وخلافا للجدول الزمني الذي تقرر في اتفاق وقف اطلاق النار. ما الذي يعنيه خرق التعهدات بشأن المصداقية التي توليها دول لوعود إسرائيل؟ حزب الله يوجد في هذه الاثناء في موقف ضعيف في لبنان ولا يسمح لنفسه بالرد بخطوات من قبله. حماس هي منظمة إرهابية قاتلة، قامت بشن هجوم 7 أكتوبر، لكنها قامت بالوفاء بمعظم شروط الاتفاق معها.

خلال فيض الاحداث يجدر الانتباه الى تطورات ذات خطر كامن في سوريا. في بداية كانون الأول سيطرت إسرائيل على المنطقة العازلة، على قطاع في الأراضي السورية شرقي الحدود في هضبة الجولان وعلى الجزء السوري في جبل الشيخ، ردا على السقوط السريع لنظام الأسد الذي انهار امام المتمردين السنة. المبرر الفوري كان أمني: الخوف من أن جهات متطرفة مرتبطة بالنظام الجديد، المتماهية أيديولوجيا مع القاعدة، ستستغل الفوضى للقيام بهجوم إرهابي سريع في الجولان. ولكن في هذه الاثناء يتبين أن ترامب، في محادثة مع نتنياهو، عبر عن التفاجؤ لأن إسرائيل لم تستغل الوضع لتأخذ لنفسها أراضي اكثر في الجولان. هنا ولدت في المستوى السياسي أفكار جديدة كثيرة، من ارسال قوات عسكرية لمساعدة الاكراد في سوريا (فكرة لحسن الحظ تم الاحتفاظ بها)، وحتى التعهد بالدفاع عن السكان الدروز. في نهاية الأسبوع إسرائيل نشرت حتى تهديد للنظام الجديد بأن لا يمس بالبلدة الدرزية قرب دمشق، وهددت بالتدخل بالقوة. هنا، الاعتبارات ليست سياسية وعسكرية فقط. هذا غمز للطائفة الدرزية في إسرائيل التي فقد نتنياهو تأييدها بعد تمرير قانون القومية، والليكود اصبح بحاجة الى اصواتها في الانتخابات القادمة.

في الخلفية تقف أيضا تهديدات واستعدادات إسرائيل قبيل احتمالية مهاجمة المنشآت النووية في ايران والعلاقات المعقدة في المثلث الإسرائيلي، الأمريكي والروسي. ترامب سيفضل بالتأكيد صفقة لكبح المشروع النووي الإيراني على الحرب، لكنه لن يعارض استخدام تهديد حقيقي لإسرائيل كأداة ضغط على النظام في طهران. 

في هذه الاثناء في حاشية نتنياهو يتحدثون بانفعال عن إمكانية تحسين العلاقات مع موسكو على خلفية التحالف الجديد بين ترامب والرئيس الروسي فلادمير بوتين. إسرائيل تحسست لدى الروس في محاولة للتوصل الى ترتيبات محلية معهم في سوريا، والآن تساوقت معهم في التصويت المناويء لاوكرانيا في الأمم المتحدة بالتنسيق مع الإدارة في واشنطن. على خلفية الابتهاج الذي أحاط بالدعم الذي وعد به ترامب، ينبغي الانتباه الى العرض المخيف الذي قدمه الرئيس الجديد مساء يوم الجمعة عندما استضاف الرئيس الاوكراني فلودمير زيلنسكي في البيت الأبيض. لقد تغير موقف ترامب من إسرائيل على مر السنين، لكن من الأفضل عدم تطوير توقعات مبالغ فيها. 

الطموحات الامبريالية التي اشعلها ترامب لدى نتنياهو وشخصيات إسرائيلية رفيعة أخرى لا تتساوق مع موضوع آخر – الجيش الإسرائيلي ببساطة اصغر من عبء المهمات والجبهات التي يتم فحصها الآن. من يتسلى بالافكار حول احتلال المزيد من الأراضي واستئناف القتال في جبهات أخرى، يجدر به التفكير أيضا بقيود حجم قوات الجيش الإسرائيلي، بعد القتلى والجرحى والمصابين بامراض نفسية، التي تكبدها الجيش في الـ 16 شهر من الحرب، تنقصه قوة بشرية بحجم لوائين. وهذا حتى قبل الحديث عن الازمة الكبيرة في وحدات الاحتياط التي رجالها واجهوا في هذه الفترة عبء غير مسبوق. من يريد الذهاب الى معارك جديدة يفضل أن يفحص قبل ذلك اذا كان الجيش والجمهور يقفان وراءه.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-03-03 14:13:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

/a>

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى