عين على العدو

هآرتس: تحقيقات الجيش تكشف: ما تبين كان مجرد مقدمة للصورة الكاملة

هآرتس 4/3/2025، عاموس هرئيلتحقيقات الجيش تكشف: ما تبين كان مجرد مقدمة للصورة الكاملة

بعد اجمال التحقيقات في المواضيع العامة للجيش الإسرائيلي حول الإخفاقات التي مكنت من حدوث المذبحة في غلاف غزة في7 أكتوبر، يتم الآن نشر تحقيقات المعارك واحدة تلو الأخرى. الضباط الكبار الذين حققوا في 40 ساحة قتال منفصلة تقريبا يعرضون كل يوم تقاريرهم الطويلة على التجمعات التي تضررت. على الفور بعد ذلك يتم عرض هذه الأمور أيضا على وسائل الاعلام. أمس (الاثنين) نشرت التحقيقات عن المعارك في كيبوتس كفار عزة وفي موقع ناحل عوز. في الأيام القريبة القادمة يتوقع نشر التقارير عن نير عوز، كيبوتس ناحل عوز ونتيف هعسرة. أيضا عندما كان يمكن الاعتقاد أننا سمعنا وشاهدنا كل شيء فان الكمية الجديدة من التفاصيل ممتعة وتبعث على الغليان. هي أيضا تلون الكارثة الكبيرة في تاريخ الدولة بألوان أخرى مختلفة من الأسود الحالك.

كل تحقيق من التحقيقات التي اجراها ضباط في الاحتياط في الخدمة النظامية، برتب تتراوح بين جنرال وعقيد، يتضمن رسم بياني صغير يحكي كل القصة. هذا الرسم يعرض عدد المسلحين في الطرفين، على مدى الساعات وفي كل معركة – جنود الجيش الإسرائيلي (فقط المقاتلون المسلحون) ورجال فرق الطوارئ وامامهم عدد المخربين المهاجمين. في كل الرسوم البيانية يظهر ما يشبه حركة المقص: دائما تقريبا، في البداية عدد المهاجمين مرتفع وهو اكبر بكثير من عدد المدافعين. القوة المدافعة تتقلص خلال ساعة – ساعتين لأنها تتكبد خسارة كبيرة. بعد ذلك يستكمل المخربون حملة القتل والاختطاف، وعلى الاغلب يغادرون المكان. في هذه المرحلة يأتي الى موقع القتل قوة عسكرية كبيرة وتبدأ في البحث عن المخربين الذين بقوا وإنقاذ الإسرائيليين الذين بقوا على قيد الحياة. 

عدد القوات في كفار عزة كان الأكبر في غير صالح الطرف الإسرائيلي: في الساعات الأولى كان يدافع عنها 14 شخص من فرق الطوارئ، جميعهم من سكان الكيبوتس، وامامهم كان 250 مخرب. 7 من أعضاء فرق الطوارئ، أي النصف، قتلوا. في كفار عزة نفسها لم يكن في الساعات الأولى أي جندي يقوم بمهمته. الجيش الإسرائيلي اخرج قبل عقد تقريبا المواقع على مستوى السرية من داخل البلدات، ونقل القوات الى مواقع اكبر للجيش قريبة. ولكن هذه المواقع كانت تتعرض هي نفسها للهجوم، وفي الساعات الأولى وجدوا صعوبة في المساعدة في الدفاع عن البلدات التي هي مهمتهم الأساسية. في الواقع كان في كفار عزة جندي واحد، وهو أحد سكان الكيبوتس، العميد يسرائيل شومر. وهو قائد فرقة احتياط في قيادة الجبهة الشمالية (ضابط تميز خلال الحرب)، ذهب في حينه الى إجازة في البيت، على بعد 2 كم عن الحدود مع القطاع بدون السلاح الشخصي. في بداية الهجوم لنخبة حماس خرج من البيت للقتال وهو يحمل سكين مطبخ، بعد ذلك تزود بسلاح أخذه من أحد المصابين في المعركة. 

في الليل، في المقابل، كان في الكيبوتس ومحيطه تقريبا ألف جندي، بينهم قادة كبار وطواقم من وحدات خاصة، لكن كانت الفوضى كبيرة: القادة وجدوا صعوبة في تشخيص مكان العدو الذي ما زال موجود في الكيبوتس وفهم طبيعة نشاطه. بعض الوحدات احتاجت وقت طويل الى أن اشتبكت مع المخربين، وكان ضباط صغار انتظروا خارج الكيبوتس في انتظار أوامر مفصلة. في الوقت الذي كان فيه المواطنون ما زالوا يذبحون في عدد من الأماكن داخل الكيبوتس.

الصورة في معسكر ناحل عوز القريب لم تكن افضل. هناك كانت توجد قوة كبيرة، حوالي 90 شخص يحملون السلاح، معظمهم من الكتيبة 13 في لواء غولاني، لكن استعداد الدفاع لم يكن افضل. من تحقيق الجيش الإسرائيلي يتبين أن حماس لاحظت أن المعسكر هو مركز ثقل حيوي في منظومة الجيش الاسرائيلي، وأيضا نقطة ضعف قابلة للمس بها. حماس تدربت خلال سنوات على احتلال الموقع وحتى أنها بنت نموذج مصغر لناحل عوز من اجل اعداد رجالها لهذه المهمة.

في تحليل الهجوم خصص المخططون من الذراع العسكري لانفسهم ربع ساعة بين اجتياز العائق في الجدار وحتى الوصول الى السور العالي حول المعسكر. وقد التزموا بالخطة، والمعسكر الذي كان السور المحيط به عدة ثغرات معروفة سمحت باختراقه بشكل سهل نسبيا انهار امام الهجوم. في الدقائق الأولى تم اطلاق نحو الغلاف بشكل عام ونحن المعسكرات بشكل خاص مئات الصواريخ والقذائف المضادة للدروع، وهذا الهجوم فاقم الشلل الذي عانت منه القوات المدافعة. الكثير من الجنود دخلوا الى مواقع الدفاع وفقا للتعليمات، ولم يكونوا يدركون الخطر القادم من الغرب. بشكل عام لا يمكن التملص من الانطباع المتراكم، من تحقيق الى آخر، بأنه على طول الحدود مع القطاع سادت أجواء روتينية لامبالية جدا، تجاهلت تقريبا الخطر الكامن على بعد مئات الأمتار.

ما نجحت حماس في فعله في 7 أكتوبر هو مفاجأة أساسية – هجوم منسق على كفار عزة وناحل عوز وعشرات البلدات والمعسكرات الأخرى، بدون أن يتم ارسال انذار استخباري الى القوات في الميدان. في مستويات أخرى، من هيئة الأركان وحتى اللواء القطري، كانوا يعلمون عن إشارات مقلقة ولكنهم لم يتعاملوا معها بجدية ولم يرسلوا المعلومات الى الكتائب والسرايا.

المفاجأة الرئيسية نزلت على الوحدات وهي في موقع ضعيف بشكل لا يتخيل: استعداد متدني، أهلية متوسطة، وسائل قتالية ناقصة (تقريبا أي قوة لم تكن مزودة بمخزون كاف من القنابل اليدوية، ناهيك عن الصواريخ المضادة للدروع أو عدد كاف من البنادق). التحليل العملياتي لحماس كان دقيق بما فيه الكفاية لتحديد كل خطوط التعزيز للقطاع الذي سيهاجم، ونشر كمائن في الأماكن الحساسة، بصورة تعيق قدوم قوات المساعدة. الى أن وصلت قوات التعزيز الى البلدات القريبة من الحدود واستعدت لقتال منظم، كان الوقت متأخر جدا. هذا حدث ليس فقط في نير عوز، النموذج الأكثر وضوحا من بينها. ربما فوق كل ذلك القوات لم يتم اعدادها لسيناريو انقضاض 5 آلاف مخرب على 100 ثغرة، نسبة 1: 7 وربما أكثر من ذلك بين المهاجمين والمدافعين. عندما تحطم ذلك امام انظارهم القادة وجدوا صعوبة في تخيل أن الأسوأ سيأتي في القريب. منظومات القيادة والسيطرة تشوشت بالكامل. كل المحققين اتفقوا على أن فرقة غزة تمت هزيمتها بالفعل خلال ساعة – ساعتين منذ بداية الهجوم في الساعة 6:29 صباحا. 

قصص المعارك تتشابك مع عروض مدهشة من الشجاعة، سواء من المدافعين الذين تفاجأوا أو من ناحية التعزيزات التي جاءت فيما بعد – الكثير منها كان من المتطوعين الذين غادروا بيوتهم بشكل فردي لمساعدة التجمعات التي تعرضت للهجوم بدون أي قيادة أو وحدة  خلفهم. جمهور المقاتلين والجنود ورجال الشرطة والشباك ركضوا نحو الخط الأول عندما انهار، وعندما وجدت القيادات الخلفية صعوبة في تركيب صورة للوضع، في الواقع فقدت السيطرة على ما يحدث. وفي الوقت الذي كانوا فيه يواجهون وحدهم تقريبا موجات الهجوم الآخذة في التزايد في ناحل عوز قال ضباط وحدة في الكتيبة 13 لصديقه: “أنا وأنت ضد كل العالم”. وخرجا للهجوم. في غرفة عمليات الكتيبة في المعسكر، التي تم احراقها بالكامل، قال قصاص الأثر الرقيب إبراهيم خروبة للمراقبات اللواتي كن برفقته إنه سيكون مسرور بحمايتهن حتى آخر رصاصة، وقد فعل ذلك. 

في نفس الوقت التحقيقات المفصلة، التي تثير الدهشة لدى من يعرف الجيش الإسرائيلي ويتابعه منذ سنوات طويلة، يتبين فيها تآكل مستمر في الإجراءات والمتطلبات من الوحدات التي توجد على خط التماس وفي الالتزام الصارم بها. أحد المحققين قال للصحيفة إن المشكلة لا تنبع من التدهور المستمر في انضباط الجيش الاسرائيلي فقط. “التفسير اكثر عمقا. لقد نسينا في الجيش كيفية الدفاع”. هذا صحيح على كل الحدود. فهناك ضعفت المعايير، لكن بالأساس على حدود القطاع. هناك غرس استكمال العائق تحت الأرض ضد الانفاق ثقة زائدة لدى القادة وأدى الى التفكير بأن الحدود تقريبا لا يمكن اختراقها.

بعض رؤساء الطواقم قالوا إن التحقيقات في التفاصيل المخيفة حول العائلات التي قتلت بالكامل، تواصل مطاردتهم. “أنا شاركت في الحرب الأخيرة وفقدت الكثير من المرؤوسين”، قال أحد الضباط. “لكن بالذات التحقيق في المعركة التي لم يكن لي أي دور فيها، هو الامر الذي لا أنجح في التخلص منه. هذه القصة مع المآسي الكثيرة التي تنطوي عليها، أضرت بي بشكل كبير. فأنا أصبحت انسان مختلف في اعقابها”.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :natourcenters.com
بتاريخ:2025-03-04 11:26:00
الكاتب:Karim Younis
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

JOIN US AND FOLO

Telegram

Whatsapp channel

Nabd

Twitter

GOOGLE NEWS

tiktok

Facebook

/a>

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى